للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب نحاة الكوفيين. لكن فيه إشكالٌ صعب، لأنه يقتضي من حيث المعنى أن يكون الضمان وقع بمجموع الأمرين لكل من رجع، وقد لا يتفق ذلك، فإن كثيرًا من الغزاة يرجع بغير غنيمة، فما فَرَّ منه الذي ادعى أن "أو" بمعنى الواو وقع في نظيره، لأنه كما يلزم على ظاهرها من أن من رجع بغنيمة رجع بغير أجر يلزم على أنها بمعنى الواو أن كل غاز يجمع له بين الغنيمة والأجر معًا اهـ. وهنا أجوبة أخرى أعرضتُ عنها لظهور فسادها.

وقوله: أو أدخله الجنة، أي: عند دخول المقربين بلا حساب ولا مؤاخذة بذنوب إذْ تُكفِّرها الشهادة، أو عند موته لقوله: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩] وكما ورد في الحديث أن أرواح الشهداء تَسْرح في الجنة، وبهذا التقرير يندفع إيراد من قال: ظاهر الحديث التسوية بين الشهيد والراجع سالمًا، لأن حصول الأجر يستلزم دخول الجنة. ومحصل الجواب أن المراد بدخول الجنة دخول خاص.

وقوله: ولولا أن أشُقّ على أمتي ما قعدت خلف سرية، أي بعدها.

وهي منصوبة على الظرفية. والمعنى: بل كنت أخرج مع كل سرية بنفسي لعِظم أجرها. ولولا امتناعية وأن مصدرية في موضع رفع بالابتداء. وما قعدت، جواب لولا. وأصلها لما، فحُذفت اللام. والمعنى امتنع عدم القعود، وهو السفر، لوجود المشقة. وفُسّر المراد بالمشقة برواية أبي هريرة المذكورة في الجهاد وهي لولا أن رجالًا من المؤمنين لا تطيب نفوسُهم بأن يتخلفوا عني، يعني ولا يقدرون على التأهُّب لعجزهم عن آلة السفر من مركوب أو غيره، ولا أجد ما أحملهم عليه، وذلك يشق عليّ وعليهم.

وقوله "ولَوَددتُ أني أُقتل في سبيل الله الخ"، اللام: لام القسم وليست بجواب لولا بدليل رواية الجهاد "والذي نفسي بيده لوددت" فهي جملة مستأنفة. وفهم بعض الشُّرّاح أن قوله: "لوددت" معطوف على قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>