التحتانية مبنيّان لما لم يُسمَّ فاعله، ودويّ وما نائبان، والدوي بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء هو شدة الصوت وبعدُه في الهواء، فلا يُفهم منه شيء، وحكي فيه ضم الدال، والصواب الفتح.
وقوله:"فإذا هو يسأل عن الإِسلام" أي: عن شرائعه، ويحتمل أنه سأل عن حقيقة الإِسلام، وإنما لم يذكر له الشهادة لأنه علم أنه يعلمها، أو علم أنه إنما يسأل عن الشرائع الفعلية، أو ذكرها ولم ينقلها الراوي لشهرتها، وإنما لم يذكر الحج لأنه لم يكن فرض بعد، أو الراوي اختصره، ويؤيد هذا الثاني ما أخرجه المصنف في كتاب الصيام من طريق إسماعيل بن جعفر في هذا الحديث، قال: فأخبره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بشرائع الإِسلام، فدخَّل فيه باقي المفروضات بل والمندوبات.
وقوله:"خمس صلوات في اليوم والليلة" خمس بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هو خمس، أو منصوب بخُذْ مقدر، ويجوز الجر بدلًا من الإِسلام، وفي رواية إسماعيل بن جعفر المذكورة أنه قال في سؤاله: أخْبِرْني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال:"الصلوات الخمس"، فتبين بهذا مطابقة الجواب للسؤال، ويستفاد من سياق مالك أنه لا يجب شيء من الصلوات في كل يوم وليلة غير الخمس، خلافًا لمن أوجب الوتر، أو ركعتي الفجر، أو صلاة الضحى، أو صلاة العيد، أو الركعتين بعد المغرب.
وقوله:"هل على غيرها؟ " مبتدأ مؤخر وخبر مقدم، وقوله قال:"لا إلاَّ أن تَطَّوَّعَ" تطوع بتشديد الطاء والواو، أصله تتطوع بتاءين، فأدغمت إحداهما، ويجوز تخفيف الطاء على حذف إحداهما، واستدل بهذا على أن الشروع في التطوع يوجب إتمامه تمسكًا بالأصل من أن الاستثناء متصل، وبه قالت المالكية والحنفية، وقرر القرطبي من المالكية وجه الاتصال بأنه في الحديث نفي وجوب شيء آخر إلا ما تُطُوعَ به، والاستثناء من النفي إثبات، ولا قائل بوجوب التطوع، فتعين أن يكون المراد إلا أن