شهد المشاهد كلها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ما عدا بدرًا كسعيد بن زيد، وقد ضرب له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسهمه وأجره فيها، وسبب تخلفه عنها أنه كان في تجارة بالشام، وقدم بعد رجوع النبي -صلى الله عليه وسلم- من بدر، وقيل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه هو وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسسان الأخبار قبل أن يخرج من المدينة إلى بدر، ثم قدما على المدينة يوم بدر، وقد وهم البخاري في قوله: إن سعيد بن زيد ممن حضر بدرًا، وهو من العصابة الذين بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد على الموت حين انهزم المسلمون، فصبروا وبذلوا نفوسهم دونه حتى قُتل من قتل منهم، وكان فيمن بايع على ذلك أبو بكر وعمر وطلحة والزبير وسعد وسَهْل بن حُنَيْف وأبو دُجانة، ولما رمى مالك بن زهير النبي -صلى الله عليه وسلم- وقاه طلحة بيده من الضربة التي قُصد بها وجهُهُ الكريم، فأصابت خِنصِره، فقال حين أصابته: حَسْ حَسْ أو صَرْ صَرْ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو قال بسمِ الله لدخل الجنةَ والناس ينظرون". وفي رواية:"لرأيت بناءَك الذي بني اللهُ لك في الجنة وأنتَ في الدنيا" قيل: جُرح في ذلك اليوم خمسًا وسبعين جراحة، وكان الصّديق رضي الله عنه إذا ذَكر أحدًا قال: ذلك يوم كُلُّه لطلحة، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد نهض إلى صخرة من الجبل ليعلوها، وكان قد ظاهر بين دِرْعين، فلما ذهب لينهض لم يستطع، فجلس تحته طلحة، فنهض حتى استوى، فقال:"أوجبَ طلحةُ" ويقال كما لابن السَّكَن: إنه تزوج أربع نسوة، كل واحدة منهن عند النبي -صلى الله عليه وسلم- أختها: أم كُلثوم بنت أبي بكر الصديق أخت عائشة رضي الله عنهما، وحَمْنَة بنت جَحْش أخت زينب، والنّازِعة بنت أبي سُفْيان أخت أم حبيبة، ورُقَيّة بنت أبي أمية أخت أم سَلَمة.
وعن قَبيصة بن جابر أنه قال: صحبتُ طلحة، فما رأيت رجلًا أعطى لجزيل ماله من غير مسألة منه.
وسمع علي رضي الله عنه رجلًا ينشد:
فتىً كانَ يُدنيهِ الغنى من صديقِه ... إذا ما هُو اسْتغْنى ويُبْعِده الفقرُ