للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: ذلك أبو محمد طَلحة بن عُبيد الله رحمه الله.

ومر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة ذي قَرَد على ماء يقال له: بيسانٌ مالحٌ، فقال: هو نعمانٌ طيبٌ، فغير اسمه، وغير الله صفته، فاشتراه طلحة وتصدق به، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنتَ يا طلحةُ إلا فياضٌ" فلذلك قيل له: طلحة الفياض، ويقال له: طلحة الخير، وطلحة الجواد.

ولما آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أصحابه قبل الهجرة آخى بينه وبين الزُّبير، ولما آخى بين المهاجرين والأنصار آخى بينه وبين أبي أيوب، وقيل: آخى بينه وبين كعب بن مالك، وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر إليه، فقال: "من أرادَ أن ينظرَ إلى شهيدٍ يمشي على وجه الأرض، فَلْينظر إلى طلحة".

وروى أبو بُردة عن مسعود بن خِراش، قال: بينا أنا أطوف بين الصفا والمروة، فإذا أناس كثير يتبعون أناسًا، فنظرت، فإذا شابٌّ موثق يده إلى عنقه، فقلت: ما شأن هؤلاء، فقالوا: هذا طلحة بن عُبيد الله قد صَبَأ. شهد الجمل محاربًا لعليّ.

وروى صالح بن كَيْسان أن عليًّا رضي الله عنه قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل: إن الله عَزَّ وَجَلَّ فرض الجهاد، وجعلني نصرته وناصره، وما صلحت دنيا ولا دين إلا به، وإني مُنيتُ بأربعة أدهى الناس وأسخاهُم طلحة، وأشجع الناس الزُّبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأسرع الناس إلى فتنة يَعْلى بن مُنْية، والله ما أنكروا عليَّ شيئاً منكرًا، وما استأثرت بمال، وما مِلْت بهوىً، وإنهم ليطلبون حقًا تركوه، ودمًا سفكوه، ولقد وُلّوه دوني وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه، وما تَبعةُ عثمان إلا عندهم، وإنهم لهم الفئة الباغية، بايعوني ونكثوا بيعتي، وما استبانوا فيَّ حتى يعرِفوا جَوْري من عدلي، وإني لراضٍ بحجة الله عليهم، وعلمه فيهم، وإني مع هذا لداعيهم ومعذر، فإن قبلوا فالتوبة مقبولة والحق أولى ما انصرف إليه، وإن أبَوْ أعطيتهم حد السيف، وكفى

<<  <  ج: ص:  >  >>