والصحابة الذين أدركهم ابن أبي مُليكة من أجلهم عائشة، وأختها أسماء، وأم سلمة، والعبادلة الأربعة، وأبو هريرة، وعُقبة بن الحارث، والمِسور بن مَخْرمة، فهؤلاء سمع منهم، وقد أدرك بالسن جماعة أجل من هؤلاء، منهم علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص.
وقد مر تعريف عائشة، وأبي هريرة، والعبادلة ما عدا عبد الله بن الزبير، وسعد بن أبي وقاص، ويأتي تعريف كل من الباقين في محله.
وقد جزم بأنهم كانوا يخافون النفاق في الأعمال، ولم ينقل عن غيرهم خلاف ذلك، فكأنه إجماع، وذلك لأن المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الإخلاص، ولا يلزم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم، بل ذلك منهم على سبيل المبالغة في الورع والتقوى رضي الله تعالى عنهم.
وقال ابن بطّال: إنما خافوا لأنهم طالت أعمارهم، حتى رأوا من التغير ما لم يعهدوه ولم يقدروا على إنكاره، فخافوا أن يكونوا داهنوا بالسكوت.
وقوله:"ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل" أي: لا يجزم أحد منهم بعدم عروض النفاق له، كما يجزم بذلك في إيمان جبريل وميكائيل، لأنهما معصومان لا يطرأ عليهما ما يطرأ على غيرهما من البشر.
وفي هذا إشارة إلى أن المذكورين كانوا قائلين بتفاوت درجات المؤمنين في الإيمان، خلافًا للمرجئة القائلين بأن إيمان الصديقين وغيرهم بمنزلة واحدة.
الثالث:(ويذكر عن الحسن: ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق).
قد استشكل ترك البخاري الجزم به مع صحته عن الحسن، وفعله هذا لقاعدة عنده، وهي أنه لا يخص صيغة التمريض بضعف الإِسناد،