للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمصنف: "إذ أتاه رجلٌ يمشي" وفي رواية أبي فروة المارة: "فإنا لجلوس عنده إذ أقبل رجل أحسن الناس وجهًا، وأطيب الناس ريحًا، كان ثيابه لم يمسها دنس" ولمسلم من طريق كَهْمَس في حديث عمر: "بينما نحن ذات يوم عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر. وفي رواية ابن حِبّان: "سواد اللحية، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه". وفي رواية سليمان التَّيمي في "صحيح" ابن خُزيمة: "ليس عليه سحناء السفر، وليس من البلد، فتخطى حتى برك بين يدي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة، ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم".

"والسَّحْناءَ" -بفتح السين وسكون الحاء وبالنون والمد- الهيئة، وكذلك السَّحنة -بالتحريك- وفي رواية أحمد عن ابن عباس وأبي عامر الأشعري: "ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" فبينت هذه الروايات أن الضمير في رواية ابن حِبّان السابقة في قوله على فخذيه يعود على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وبه جزم البغوي، وإسماعيل التيمي لهذه الروايات، ورجحه الطِّيْبيّ بحثًا لأنه نسق الكلام، خلافًا لما جزم به النووي، ووافقه الثُّورِبشْتِي -بضم الفوقية، وسكون الواو، بعدها راء فموحدة مكسورتان، ثم شين معجمة ساكنة، ففوقية مكسورة- لأنه حمله على أنه جلس كهيئة المتعلم بين يدي من يتعلم منه، وهذا وإن كان ظاهرًا من السياق، لكن وضعه يديه على فخذي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صنيع منبه للإصغاء إليه.

وفيه إشارة لما ينبغي للمسؤول من التواضع والصفح عما يبدو من جفاء السائل، والظاهر أنه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره، ليقوى الظن أنه من جفاة الأعراب، ولهذا تخطى الناس حتى انتهى إليه صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>