للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نورانية، متشكلة بما شاءت من الأشكال الطيبة لا الخسيسة، ليسوا بذكور ولا إناث، وحاشاهم من أن يكونوا خُناثى، والملائكة: جمع ملك، وأصله مأْلُك مَفْعُل من الألوكة بمعنى الرسالة، زيدت فيه التاء لتأكيد معنى الجمع أو لتأنيث الجمع، ومر بعض الكلام عليهم في الثالث أو الرابع من بدء الوحي.

وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظرًا للترتيب الواقع، لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول، وليس فيه متمسك لمن فضل الملك على الرسول.

وقوله: "وكتبه" هذه في رواية الأصيلي هنا، واتفق الرواة على ذكرها في التفسير، والإيمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله، وأن ما تضمنته حق.

وقوله: "وبلقائه" وقعت هنا بين الكتب والرسل، وكذا لمسلم من طريقين، ولم تقع في بقية الروايات، وقد قيل: إنها مكررة، لأنها داخلة في الإيمان بالبعث، والحق أنها غير مكررة، فقيل: المراد بالبعث القيام من القبور، والمراد باللقاء ما بعد ذلك. وقيل: اللقاء يحصُلُ بالانتقال من دار الدنيا، والبعث بعد ذلك. ويدل على هذا رواية مَطَر الورّاق السابقة، فإن فيها: "وبالموت وبالبعث بعد الموت" وكذا في حديث أنس عند البزار والبخاري في "خلق أفعال العباد"، وحديث ابن عباس في "مسند" أحمد. وقال الرّاغب: اللقاء مقابلة الشيء ومصادفته، لقِيَهُ يَلْقاهُ. ويقال أيضًا في الإدراك بالحس وبالبصيرة، ومنه: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} وملاقاة الله يعبر بها عن الموت وعن يوم القيامة، وقيل ليوم القيامة: يوم التلاق لالتقاء الأولين والآخرين فيه.

قلت: قول عائشة فيما أخرجه مسلم والنسائي: "والموت دون لقاء الله" صريح في أن لقاء الله غير الموت، وأنه بعدها، ولكن الموت معترض

<<  <  ج: ص:  >  >>