مراعاة الأدب مع ألفاظ القرآن الكريم، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يلازم هذا الأدب كما اشتهر في الأحاديث الصحيحة كقوله عليه الصلاة والسلام:"آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته" فنكر مقامًا، وإن كان المراد مقامًا معينًا، مراعاة للأدب المذكور، قال الله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} وأمثال هذا كثيرة، وأما تقييد الزكاة بالمفروضة، فقيل: احتراز من الزكاة المعجلة قبل الحول، لأنها زكاة وليست مفروضة الآن، والصحيح أنه احتراز من صدقة التطوع، فإنها زكاة لغة، وإنما فرق بين الصلاة والزكاة في التقييد كراهية تكريم اللفظ الواحد، وللتفنُّن في العبارة.
وقوله:"وتصوم رمضان" استدل به على جواز قول رمضان من غير إضافة شهر إليه، وهو الذي عليه الجمهور، واستدل له البخاري في كتاب الصوم بعدة أحاديث، ونقل عن أصحاب مالك الكراهية، وعن ابن الباقِلاّني منهم، وكثير من الشافعية أنه إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا يكره، ولم يذكر الحج إما ذهولًا أو نسيانًا، ويدل له مجيئه في رواية كَهْمَس عند مسلم:"وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا" وقيل: لأنه لم يكن فرض، ويرده ما في رواية ابن مَنْده بسند على شرط مسلم أن الرجل جاء في آخر عمره صلى الله تعالى عليه وسلم، فيُحتمل أن يكون بعد حجة الوداع، فإنها آخر سفراته، ثم بعد قدومه بقليل دون ثلاثة أشهر مات، وكأنه إنما جاء بعد إنزال جميع الأحكام لتقرير أمور الدين التي بلغها مفترقة في مجلس واحد لتنضبط، ويدل على أن عدم ذكره إنما هو من اختلاف الرواة أن الصوم لم يذكر في رواية عطاء الخُراساني عند أبي نُعيم في "الحلية" وفي حديث أبي عامر عند أحمد ذكر الصلاة والزكاة فحسب، ولم يذكر في حديث ابن عباس عند أحمد أيضًا مزيدًا على الشهادتين، وذكر سليمان التَّيْمي في روايته عند ابن خُزيمة في "صحيحه" الجميع، وزاد بعد قوله:"وتحج وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء" وقال مَطَر الورّاق في روايته عند أبي عوانة في "صحيحه":