عندي أن هذا التقدير غير محتاج له، وأن قوله:"يجلسني" جملة تفسيرية لقوله: "أقعد"، ولا يمنع ذلك وجود الفاء في بعض الروايات، لأن الفاء تكون تفسيرية.
والسرير جمعه أسرَّة وسُرر -بضمتين، وحكي فتح الراء- سمي بذلك لأنه مجلس السرور.
وقد بين المصنف في العلم السبب في إكرام ابن عباس له، ولفظه:"كنت أُترجم بين ابن عبّاس وبين الناس".
قال ابن الصلاح: أصل الترجمة التعبير بلغة عن لغة، وهو عندي هُنا أعم من ذلك، وإنه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفى عليه، ويبلغه كلامهم، إما لزحام، أو لقصور فهم.
قال في "الفتح": الثاني أظهر، لأنه كان جالسًا معه على سريره، فلا فرق في الزحام بينهما، إلا أن يحمل على أن ابن عباس كان في صدر السرير، وكان أبو جَمْرة في طرفه الذي يلي مَن يترجم عنهم، وقيل: إن أبا جَمْرة كان يعرف الفارسية، فكان يترجم لابن عباس بها.
قال القُرطبي: فيه دليل على أن ابن عباس كان يكتفي في الترجمة بواحد، وقد بوب عليه البخاري في أواخر كتاب الأحكام.
وقوله:"فقال: أقِمْ عندي" أي: لتساعدني بتبليغ كلامي إلى من خفي عليه من السائلين، أو بالترجمة عن الأعجمي، لما مر أنه كان يعرف الفارسية ويترجم بها لابن عباس.
وقوله:"حتى أجعلَ لك سهمًا من مالي" أي: نصيبًا، واستنبط منه ابن التين جواز أخذ الأجرة على التعليم، لقوله:"حتى أجعلَ لك سهمًا من مالي".
قال في "الفتح": وفيه نظر، لاحتمال أن يكون إعطاؤه ذلك كان بسبب الرؤيا التي رآها في العمرة قبل الحج كما سيأتي عند المصنف