للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صريحًا في الحج، فإن في الرواية المذكورة في الحج: "ثم قال لي: أقم عندي، وأجعل لك سهمًا من مالي، قال شُعبة: فقلت: ولم؟ فقال: للرؤيا التي رأيت" فهذا صريح في أن الإعطاء كان إكرامًا له على الرؤيا التي رآها، وهي أن أبا جمرة كما في هذا الحديث قال: "تمتعت، فنهاني ناس، فسألت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فأمرني، فرأيت في المنام كأن رجلًا يقول لي: حج مبرور. وعمرة متقبلة، فأخبرت ابن عباس، فقال: سنة أبي القاسم" ويؤخذ من هذا الحديث إكرام من أخبر المرء بما يسره، وفرح العالم بموافقته للحق، والاستئناس بالرؤيا لموافقة الدليل الشرعي، وعرض الرؤيا على العالم، والتكبير عند المسرة، والعمل بالأدلة الظاهرة، والتنبيه على اختلاف أهل العلم ليُعمل بالراجح منه الموافق للدليل.

وقوله: "فأقمت معه شهرين"، أي: عنده، وإنما عبر بمع المشعرة بالمصاحبة دون عند المقتضية لمطابقة "أقم عندي" لأجل المبالغة.

وقوله: "ثم قال: إن وقد عبد القيس" وهو ابن أفْصى بوزن أعْمى ابن دُعْميّ -بضم الدال وسكون العَيْن المهملة وبياء النسبة- ابن جَديلة -وزن كبيرة- ابن أسد بن ربيعة قبيلة كبيرة كانوا يسكنون البحرين، والوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقي العظماء، واحدهم وافد.

وقوله: "لما أتَوْا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" كان سبب مجيئهم إسلام منقذ بن حبان، وتعلمه الفاتحة وسورة اقرأ، وكتابته عليه الصلاة والسلام لجماعة عبد القيس كتابًا، فلما رحل إلى قومه كتمه أيامًا، وكان يصلي، فقالت زوجته لأبيها المنذر بن عائذ -وهو الأشَجّ-: إني أنكرت فعل بعلي منذ قدم من يثرب، إنه ليغسل أطرافه، ثم يستقبل الجهة -تعني: الكعبة- فيحني ظهره مرة، ويقع أخرى، فاجتمعا، فتحادثا ذلك، فوقع الإِسلام في قلبه، وقرأ عليهم الكتاب، وأسلموا، وأجمعوا المسير إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>