عن ابن عباس قال:"أول جمعة جمعت بعد جمعة جُمعت في مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجُؤاثَى من البحرين" -وهي بضم الجيم، وبعد الألف مثلثة مفتوحة- وهي قرية شهيرة لهم، وإنما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم، فدل على أنهمٍ سبقوا جميع القرى إلى الإِسلام، وكان عدد الوفد الأول ثلاثة عشر راكبًا، وفيها سألوا عن الإيمان وعن الأشربة، وكان فيهم الأشجّ، وقال له النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ما قال ثانيتهما: كانت في سنة الوفود، وكان عددهم حينئذ أربعين رجلًا كما مر في حديث أبي خيرة، وفيهم الجارود العَبْدي، ويؤيد التعدد ما أخرجه أبو يَعْلى، وصححه ابن حِبّان من حديث الأشَجّ العَصَري أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لهم:"ما لي أرى وجوهَكُم قد تغيرت" قالوا: نحن بأرض وخمة، وكنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع اللحمان في بطوننا، فلما نهيتنا عن الظروف، فذلك الذي ترى في وجوهنا. فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:"إن الظروف لا تُحِلُّ ولا تحرم، ولكن كل مسكر حرام" وهذا الحديث صريح في تعدد الوفادة.
وها أنا أسرد أسماء من سماهم في "الفتح" من الوفد المذكور، تاركًا العزو إلى من عزى له التسمية فهم: المنذر بن عائذ، وهو الأشجّ المذكرر، ومُنْقِذ بن حِبّان، ومَزِيدة بن مالك، وعَمْرو بن مَرْحوم، والحارث ابن شُعيب، وعُبيدة بن همّام، والحارث بن جُنْدَب، وصُحار بن العبّاس -بصاد مضمومة وحاء مهملتين- وعُقبة بن جروه، وقيس بن النعمان العَبْدي، والجَهْم بن قُثَم، والرّستم العبدي، وجويرية العبدي، والزارع ابن عامر العبدي، وأخوه مطر، وابن أخته ولم يسم، ومشمرج السعدي، وجابر بن الحارث، وخزيمة بن عبد بن عمرو، وهمّام بن ربيعة، وجارية ابن جابر، وأبو خيرة الصُّباحي، ونوح بن مَخْلد جد أبي جَمْرة، وقد مر أنني سأذكر الاعتراض عليه في جعله أبا جمرة من عبد القيس في تعريف أبي جَمْرة قريبًا، هذا ما ذكره في "الفتح" وهو ثلاثة وعشرون، وذكر العيني