للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافة اجتهاد منه، لا يجب تقليده فيه، وصح أنه رجع عنه.

وفي هذا الحديث من الفوائد زيادة على ما مر أن الدين يُطلق على العمل، لكونه سمى النصيحة دينًا، وعلى هذا المعنى بني المصنف أكثر كتاب الإيمان، ومنها جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب من قوله: "قلنا؟ لمن؟ ".

واعلم أن البخاري ذكر هذا الحديث ولم يخرجه مسندًا في "صحيحه"، لأن راوي الحديث تميم الداري، وأشهر طرقه فيه سهيل بن أبي صالح وليس من شرطه، لأنه لم يخرج له في "صحيحه"، وأخرج له مسلم والأربعة، ولما لم يكن من شرطه لم يأت فيه بصيغة الجزم، ولا في معرض الاستدلال، بل أدخله في التبويب، ولم يترك ذكره، وهو عنده من الواهي ليفهم أنه اطلع عليه، وعلى أن فيه علة منعته من إسناده، وله من ذلك في كتابه كثير يقف عليه من له تمييز.

وأخرجه مسلم في باب الإيمان عن محمد بن عباد المكي، وأبو داود في الأدب عن أحمد بن يونس، والنسائي في البيعة عن يعقوب بن إبراهيم، وإمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خُزيمة في كتاب "السياسة" له عن عبد الجبار بن العلاء المكي.

وقولي: إن البخاري لم يخرج عنه في "صحيحه" تبعت فيه العيني، ويرده ما قاله ابن حجر من أن له في البخاري حديثًا في الجهاد مقرونًا بيحيى بن سعيد الأنصاري عن النُّعمان بن أبي عيّاش، وله حديثان آخران متابعة في الدعوات.

ولنذكر تعريف سهيل وتميم الداري تتميمًا للفائدة:

الأول: سهيل بن أبي صالح، واسمه ذَكْوان السّمان أبو يزيد المَدَني.

قال ابن سعد: كان سهيل ثقة كثير الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطىء. قال ابن عُيينة: كنا نعد سهيلًا ثبتا في الحديث. وقال حرب عن أحمد: ما أصلح حديثه. وقال أبو طالب:

<<  <  ج: ص:  >  >>