ودفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن، والصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج عليهم بالسيف إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وأن لا يفروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يُدعى لهم بالصلاح.
ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد، وتقع النصيحة لهم ببث علومهم، ونشر مناقبهم، وتحسين الظن بهم، وقبول ما رووه، وتقليدهم في الأحكام.
والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم، والسعي فيما يعود نفعه عليهم، وتعليمهم ما ينفعهم، وكف وجوه الأذى عنهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويعلمهم ما جهلوه من دينهم، ويعينهم عليه بالفعل والقول، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ودفع المضار عنهم، وجلب المنافع لهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة، وترك غشهم وحسدهم، والذب عن أموالهم وأعراضهم وغير ذلك من أحوالهم بالقول والفعل، وحثهم على التخلق بجميع ما ذكرناه، وتنشيط هممهم إلى الطاعات، وقد كان في السلف رضي الله تعالى عنهم من تبلغ به النصيحة إلى الإِضرار في دنياه.
والنصيحة فرض كفاية، يُجزى من قام به، ويسقط عن الباقين، وهي لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة، ففيها شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشار إليها بقول القائل:
معرفةُ المنكر والمعروفِ ... والظنُّ في إفادةٍ الموصوفِ
والأمنُ فيه من أشَدِّ النُّكر ... كقتلِ شخصٍ بقيام الخمرِ
وأن يكون المنكر متفقًا عليه، أو يضعف مدرك القول بالجواز، وأن يكون ظاهرًا لا تجسس فيه، وما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه في صدر