وروى الثَّوْري عن أبي ثُمامة صاحب علي رضي الله تعالى عنه قال: قال الحواريون لعيسى عليه السلام: يا روحَ الله: من الناصح لله؟ قال: الذي يقدم حق الله على حق الناس.
والنصيحة لكتابه تعالى الإيمان بأنه كلامه تعالى وتنزيله، لا يشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر الإنس والجن لو اجتمعوا على الإتيان بسورة مثله، وتعلمه، وتعليمه، وتعظيمه، وتلاوته حق تلاوته، وتحسينها، والخشوع عندها، وإقامة حروفه في التلاوة، وتحريرها في الكتابة، وتفهم معانيه، وحفظ حدوده، والذب عنه لتاويل الملحدين وتحريف المحرفين وتعريض الطاغين، والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه، والاعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، والعمل بما اقتضى منه عملًا، ودوام تدبره.
والنصيحة لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم هي الإيمان به، وبجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه، ونصرته حيًّا وميتًا، ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه، وإعظام حقه، وتوقيره، وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها، والاقتداء به في أقواله وأفعاله، وبث دعوته، ونشر شريعته، ونفي التهمة عنها، واستنارة علومها، والتفقه في معانيها، والدعاء إليها وإعظامها، وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته وأصحابه. وكل من اتبعه، ومجانبة من ابتدع في سنته أو تعرض لأحد من أصحابه.
والنصيحة لأئمة المسلمين إعانتهم على ما حملوا القيام به، وطاعتهم في الحق، وأمرهم به، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف، وسدّ خلتهم عند الهفوة، وإعلامهم بما غفلوا عنه، ولم يبلغهم من أمور المسلمين، وترك الخروج عليهم، ورد القلوب النافرة إليهم، وتألف قلوب الناس لطاعتهم،