بجيد لأن الفتى مأخوذ من الفتاء وهو الشباب، وأطلق ذلك على كل من يخدم المرء. سواءًا كان شابًا أو شيخًا؛ لأن الأغلب أن الخدم تكون شبانًا. وقوله:"أرأيت" أي: ما دهاني، وقوله:"إذ أوَيْنا إلى الصخرة" يعني الصخرة التي رقد عندها موسى عليه السلام، أو الصخرة التي دون نهر الزَّيْت، وذلك أن موسى لما رقد اضصرب الحوت المُمَلَّح، ونزل في البحر معجزة لموسى، أو الخضر عليهما السلام. وقيل: إن يوشع حمل الخبز والحوت في المكتل، ونزلا ليلًا على شاطىء عين تسمى عين الحياة، فلما أصاب السمكة رَوْح الماء وبرده، عاشت. وقيل: توضأ يوشع من تلك العين، فانتضح الماء على الحوت، فعاش، ووقع في الماء. وقوله:"فإني نسيت الحوت" أي فقدته أو نسيت ذكره بما رأيت.
وقوله:"وما أنسانيه إلاَّ الشيطان أن أذكُرَه" أي: وما أنساني ذكره إلاَّ الشيطان فإن "أن أذكره" بدل من الضمير، وهو اعتذار عن نسيانه، بشغل الشيطان له بوساوسه. والحال، وإن كانت عجيبة لا ينسى مثلها, لكنه لما ضرَي بمشاهدة أمثالها عند موسى وألِفَها، قلَّ اهتمامه بها. ولعله نسي ذلك لاستغراقه في الاستبصار، وانجذاب شراشره إلى جناب القدس، بما عراه من مشاهدة الآيات الباهرة. وإنما نسبه إلى الشيطان هضمًا لنفسه.
وقوله:"قال ذلك" أي: فقدان الحوت. وقوله:"ما كنا نبغ" أي: نطلب؛ لأن فقد الحوت جُعل آية، أي علامة على الموضع الذي فيه الخَضرِ، وقوله:"فارتدَّا على آثارهما" أي: فرجعا في الطريق التي جاءا فيه يقُصَّان. وقوله:"قصصًا" أي يتبعان آثارهما اتباعا، أو مقتصين، حتى أتيا الصخرة. وقوله:"فوجدا خَضرًا" فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه، أي من قوله تعالى {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ ...}[الكهف: ٦٦] إلى آخر ذلك.
وفي الحديث جواز التجادل في العلم إذا كان بغير تعنّت، والرجوع إلى