للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوُعُول، وتظهر التحوت" قالوا: يا رسول الله، وما التحوت والوعول؟ قال: "الوعول وجوه الناس وأشرافهم، والتحوت الذين كانوا تحت أقدام الناس، ليس يعلم بهم" وفي رواية عن ابن مسعود، قلنا: وما التحوت؟ قال: "فُسُوله الرجال، وأهل البيوت الغامضة" قلنا: وما الوعول؟ قال: أهل البيوت الصالحة.

قال ابن بَطَّال: معنى "تقارب الزمان" تقارب أحوال أهله في قلة الدين، حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر، لغلبة الفسق، وظهور اهله. وقد جاء فى الحديث "لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما تفاضلوا، فإذا تساووا هلكوا" يعني لا يزالون بخير ما كان فيهم أهل فضل وصلاح وخوف من الله، يُلْجا إليهم عند الشدائد، ويستشفى بآرائهم، ويُتبَرَّك بدعائهم، ويؤخذ بتقويمهم وآثارهم. قال الطَّحاويّ: قد يكون معنا. في ترك طلب العلم خاصة والرضى بالجهل، وذلك لأن الناس لا يتساوون في العلم؛ لأن دَرَج العلم تتفاوت قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦] وإنما يتساوون إذا كانوا جُهّالًا، وكأنه يريد غلبة الجهل، وكثرته بحيث يفقد العلم بفقد العلماء. قال ابن بَطَّال: وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عَيانًا، فقد قبض العلم، وظهر الجهل وألقي الشحُّ في القلوب، وعمت الفتن، وكثر القتل.

قال في "الفتح": الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم، فلا يبقى إلا الجهل الصرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم، لانهم يكونون حينئذٍ، مغمورين في أولئك، ويؤيد ذلك ما أخرجه ابن ماجة، بسند قوي عن حذيفة، قال: "يَدْرسُ الإِسلام كما يدرس وشيُ الثوب، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويسري على الكتاب في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية" الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>