وعند الطَّبرانيّ عن ابن مسعود قال:"ولَيُنْزَعَنَّ القرآن من بين أظهركم، يُسرى عليه ليلًا فيذهب من أجواف الرجال، فلا يبقى في الأرض منه شيء". وسنده صحيح، لكنه موقوف. قلت: هذا لا يقال من قبل الرأي، فله حكم المرفوع، وقد مر عند حديث "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" بيان ما يعارض ذلك، والجمع بين الأحاديث، فراجعه.
قال في "الفتح": والواقع أن الصفات المذكورة وجدت مباديها من عهد الصحابة، ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض، والذي يَعْقُبُه قيام الساعة استحكامُ ذلك كما قرر، وقد مضى من الوقت الذي. قال فيه ابن بَطَّال ما قال، نحوُ ثلاث مئة وخمسين سنة، والصفات المذكورة في ازدياد في جميع البلاد، لكن يقل بعضها في بعض، ويكثر بعضها في بعض، وكلما مضت طبقة ظهر النقص الكثير في التي تليها، وإلى ذلك الإشارة بقوله:"لا يأتي زمان إلا والذي بعده شرُّ منه" المُخَرَّج عند المصنف في الفتن. ثم نقل ابن بطّال عن الخَطَّابيّ في معنى "تقارب الزمان" المذكور في الحديث الآخر الذي أخرجه التَرمِذِيّ عن أنس وأحمد عن أبي هُرَيْرة مرفوعًا "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمانُ فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السَّعَفَة" قال الخطابيّ: هو من استلذاذ العيش، يريد أنه يقع عند خروج المَهْدِيَّ ووقوع الأمنة في الأرض، وغلبة العدل فيها، فيستلذ العيش عند ذلك، وتستقصر مدته، ومازال الناس يستقصرون مدة أيام الرخاء وإن طالت، ويستطيلون مدة المكروه، وان قصرت. وتُعُقبَ بأنه لا يناسب أخواته من ظهور الفتن، وكثرة الهرْج وغيرهما. قال في "الفتح": وإنما احتاج الخَطّابي إلى تأويله بما ذكر؛ لأنه لم يقع النقص في زمانه، وإلا فالذي تضمنه الحديث قد وجد في زماننا هذا، فإنا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا، وإن لم يكن هناك عيش مستلذ، والحق أن المراد نزع البركة من كل شيء، حتى من الزمان. وذلك من علامات قرب الساعة.