للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا المعنى ليس في الحديث، والذي في الحديث هو إعمال المعطوف في مثل ما أضيف إليه الأول: وهو يبقى فيه الأول على حاله كما مر في بيت الشاعر مشابه لما ذكره ابن مالك. وفي رواية بترك التنوين في الثاني أيضًا، وتوجيهه أنه مضافٌ إلى فتنة أيضا، وإظهار حرف الجر بين المضاف والمضاف إليه جائزٌ عند قوم.

وقوله: "لا أدري"، أيّ ذلك قالت أسماء: "جملة معترضة بين العامل ومعموله"، مؤكدة لمعنى الشك المستفاد من كلمة. أو بين بها الراوي أن الشك منه هل قالت أسماء "مثل" أو قالت "قريبًا"؟ وأيّ: مرفوع بالابتداء، والخبر "قالت أسماء". وضمير المفعول محذوف، أي، قالته. وفعل الدراية معلق بالاستفهام؛ لأنه من أفعال القلوب. وروي "أيَّ" بالنصب مفعولًا لأدري إن جُعِلت موصولة، أو"لقالت" إن جُعلت استفهامية أو موصولة.

وقوله: "من فتنة المسيح الدَّجَّال" المسيح بالحاء المهملة، سمي بذلك لمسحه الأرض، أو لأنه ممسوح العين. والدجَّال على وزن فَعَّال من الدجل، وهو الكذب والتمويه، وخلط الحق بالباطل، وهو كذّاب مَمَوِّه خلّاط. وقيل: سمي بذلك لأنه يغطي الأرض بالجمع الكثير، مثل دجلة تغطي الأرض بمائها، والدَّجَل التغطية. يقال دَجَل فلان الحق بباطله، أي: غطاه.

وقوله: "يقال له ما علمك" مبتدأ وخبر. والخطاب فيه للمقبور، بدليل قوله "إنكم تفتنون في قبوركم" ولكنّه عدل عن خطاب الجمع، إلى خطاب المفرد؛ لأن السؤال عن العلم يكون لكل واحد بانفراده واستقلاله، وكذا الجواب. وقوله: "بهذا الرجل" أي: النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، ولم يعبّر بضمير المتكلم، بأن يقول ما علمك بي؛ لأنه حكاية قول المَلكَيْن، ولم يقل رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم؛ لأنه يصير تَلْقِيْنًا لحجته، فيعظمه تقليدًا لهما لا اعتقادًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>