وقوله:"فأما المؤمن أو المُوقن" أي: المصدق بنبَّوته، صلى الله تعالى عليه وسلم، وقوله:"لا أدري بأيهما قالت أسماء" أي: بجر أيهما بالباء، وفي رواية الأربعة، لا أدري أيها المؤمن أو الموقن، وقوله:"قالت أسماء" والشك من فاطمة بنت المنذر. وقوله:"فيقول"، الفاء فيه جواب، إما لما في إما من معنى الشرط. وقوله:"جاءنا بالبينات" أي: بالمعجزات الدالة على نبوته.
وقوله:"والهدي" أي الدلالة الموصلة إلى البغية، وقوله:"فأجبنا واتبعنا" وفي رواية أبي ذَرِّ "فأجبناه واتبعناه" بالهاء فيهما، فحذف ضمير المفعول في الرواية الأولى، للعلم به أي: قبلنا نبوته، معتقدين مصدقين، واتبعناه فيما جاء به إلينا. أو الإجابة تتعلق بالعلم، والاتباع بالعمل.
وقوله:"هو محمد ثلاثًا" أي: ثلاث مرات. وقوله:"ثم صالحًا، أي: حال كونك صالحًا، أي: منتفعا بأعمالك، إذ الصلاح كون الشيء في حد الانتفاع. وقوله: "قد علمنا إن كنت لموقنًا" بكسر همزة إن، أي الشأن كنت لموقنًا، أي: أنت موقن كقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١١] أي: أنتم، أو تبقى على بابها. قال القاضي، وهو الأظهر، واللام في قوله "لموقنا" عند البصريين للفرق بين إن المخففة وإن النافية. وأما الكوفيون، فإن عندهم بمعنى ما، والسلام بمعنى إلاَّ، كقوله تعالى {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)} [الطارق: ٤]. أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ والتقدير: ما كنت إلا موقنًا.
وحكى السَّفاقسي فتح همزة أن على جعلها مصدرية، أي: علمنا كونك موقنًا به. وردَّه بدخول اللام، وتعقبه الدَّمامينيُّ قائلًا: إنما تكون اللام مانعة، إذا جعلت لام الابتداء على رأي سيبويه ومن تبعه. وأما على رأي الفارسيّ ومن وافقه، إنها لامٌ غير لام الابتداء، اجتلبت للفرق، فيسوغ الفتح، بل يتعين حينئذ، لوجود المقتضي، وانتفاء المانع.