الملائكة الذين يلون فتنته، كذا قال. ولا وجه لتخصيصه بالملائكة، فقد ثبت أن البهائم تسمعه. وفي حديث البراء "يسمعه من بين المشرق والمغرب كلهم" وفي حديث أبي سعيد عند أحمد "يسمعه خلق الله غير الثقلين" وهذا يدخل فيه الحيوان والجماد، لكن يمكن أن يخص منه الجماد، ويؤيده أن في حديث أبي هريرة عند البزَّار "يسمعه كل دابة إلا الثقلين" والمراد بالثقلين الإنس والجن، قيل لهم ذلك، لألهم كالثَّقل على وجه الأرض.
قال المُهَلّب: الحكمة في أن الله يسمع الجن قول الميت: قَدِّموني ولا يُسمعهم صوته إذا عُذِّب أن كلامه قبل الدفن متعلق بأحكام الدنيا، وصوته إذا عُذِّب في القبر متعلق بأحكام الآخرة. وقد أخفى الله على المكلفين أحوال الآخرة، إلا من شاء الله، إبقاء عليهم.
وفي الحديث المذكور "اتاه ملكان، فَيُقعدانه" زاد ابن حِبان والتِّرمِذِيّ "أسودان أزرقان، يقال لأحدهما المُنْكر وللآخر النَّكير" وفي رواية ابن حبان "يقال لهما مُنكر ونِكيْر، وزادَ الطَّبراني في الأوسَطِ عَنْ أبي هُريَرة "أعْيَنهُما مِثْلَ قُدور النَّحاس وأنيابُهما مِثل صياصي البقَرِ وأصْواتهُما مِثْل الرَّعْد" ونَحَوْهِ لَعِبد الرَّزاقِ من مُرسَل عَمْرُو بنُ دينار، وزادَ يحفران بأنيابهما ويَطئان في أشعارهما، معَهما مِرَزَّبة لو اجتمع عَليها أهلُ منىً لم يقلُّوِهَا" وزادَ ابن حبان بَعد قولهِ "فَيُقْعِدانِه" عن أبي هريرة "فإذا كانَ مُؤمنًا كانَتْ الصَلاةُ عندَ رأسْه، والزَّكاةُ عنْ يمينهِ والصَّومُ عن شمالهِ وفِعلِ المعروفِ من قِبَلِ رِجْليه، فَيقالُ لَه: اجْلِسْ فَيجْلسِ، وقْد مثُلَت له الشَّمسُ عند الغُروب" زاد ابن حبان من حديث جابر "فيجلس فيمْسحُ عينيه ويقولُ: دعوني أُصلي.
وقد اختُلفَ في سؤالِ الميّت هل يقعُ على البدَنِ أو الرَّوح أو عليهما جميعًا؟ فقد قال ابن جريرٍ وجماعة من الكرَّامية: إنَّ السؤال في القبر يقعُ على البدن فقط وأنَّ الله يخلْقُ فيه إدراكًا بحيثُ يسمعُ ويعلمُ ويلَذُّ ويألم