للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فأحسن تأديبها" أي: بلطف ورفق، من غير عنف. وقوله: "وعلمها": أي ما يجب تعليمه من الدّين وقوله: "فتزوجها" يعني بعد أن أصدقها، وقوله: "فله أجران" الضمير يرجع إلى الرجل الأخير، وإنما لم يقتصر على قوله "لهم أجران" مع كونه داخلًا في الثلاثة بحكم العطف، لأن الجهة فيه كانت متعددة، وهي التأديب والتعليم والعتق والتزوج، وكانت مظنة أن يستحق من الأجر أكثر من ذلك، فأعاد قوله "فله أجران" إشارةً إلى أن المعتبر من الجهات أمران العتق والتزوج. وإنما اعتبر الاثنان فقط لأن التأديب والتعليم يوجبان الأجر في الأجنبي والأولاد وجميع الناس، فلم يكن مختصًا بالإِماء، فلم يبق الاعتبار إلا في الأمرين المذكورين. وإنما ذكر الأخيرين لأن التأديب والتعليم أكمل للأجر، إذ تزوج المرأة المؤدبة المعلمة أكثرُ بركةً، وأقرب إلى أن تعين زوجها على دينه.

قلت: وبهذا تعلم أن تعليم بنات المدارس الإِفرنجي اليوم كفرٌ وشقاء وهلاك للزوج في دينه, لأنها أفسدت دينها، وخرجت بذلك التعليم عن دين الإِسلام، فإذا أخذها زوج أفسدت دينه، وحملته على موافقتها في ارتكاب المعاصي، فلينظر المسلم أي الأمرين أهون عليه العُزْبة أو التَّزوج مع ارتكاب المعاصي، وإنما عطف بثم في العتق، وفي السابق بالفاء، لأن التأديب والتعليم ينفعان في الوطء، بل لابد منهما فيه، والعتق نقل من صنف إلى صنف، ولا يخفى ما بين الصنفين من البعد، بل من الضديّة في الأحكام والمنافاة في الأحوال، فناسب لفظًا دالًا على التراخي، بخلاف التأديب وغيره مما ذكر، فإن قلت: إذا لم يطأ الأمة لكنْ أدبها، هل له أجران. الجواب إن المراد تمكنه من وطئها شرعًا، وإن لم يطأها فقد دل الحديث على مزيد فضل من أعتق أمته ثم تزوجها، سواءً أعتقها ابتداءًا لله أو لسبب، وقد بالغ قوم فكرهوه، فكأنهم لم يبلغهم الخبر.

فمن ذلك ما وقع في رواية هُشَيم عن صالح بن صالح الراوي المذكور

<<  <  ج: ص:  >  >>