خرجتْ امرأةٌ من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل، فقامت خلفه تصلي، ثم خرج غُلامٌ قد راهق الحلم من ذلك الخباء، فقام معها يصلي، فقلت للعباس: من هذا يا عباس؟ فقال: ذلك محمد بن عبد الله، ابن أخي. قلت من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة بنت خُوَيلد. قلت: من هذا الفتى؟ قال: علي بن أبي طالب ابن عمه. قلت: ما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلي، وهو يزعم أنه نبي، ولم يتبعه فيما ادعى إلاَّ امرأته وابن عمه هذا الغلام، وهو يزعم أنه ستفتح له كنوز كسرى وقيصر.
وكان عفيفٌ لما أسلم بعد ذلك، وحسن اسلامه، يقول: لو كان الله رزقني الإِسلام يومئذ، فأكون ثانيًا مع علي. يقال: استنبىء النبي يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء. واختلف في سنه وقت إسلامه فقيل إنه ابن عشر سنين، وقيل ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل ابن اثنتي عشرة سنة، وقيل ابن خمس عشرة سنة، وقيل ابن ست عشرة سنة، وقيل ابن ثمان. وكان هو والزبير، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، رضي الله عنهم، عِدادًا واحدًا ولما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار قال في كل واحدة منهما لعلي بن أبي طالب: أنت أخي في الدنيا والآخرة وآخى بينه وبين نفسه، فلذلك كان علي رضي الله عنه يقول: أنا عبد الله، وأخو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يقولها أحدٌ غيري إلاَّ كذاب.
قال الإِمام أحمد: لم يكُنْ لأحدٍ من الصحابة من المناقب ما نقل لعلي، وسبب ذلك بغض بني أمية له فكان كلُ من كان عنده علم بشيء من مناقبه يثبته، وكلما أرادوا اخماده وهددوا من حدث بمناقبه، لا يزداد ذلك إلا انتشارًا. ومن خصائص علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأدفعنَّ الراية غدًا إلى رجل يحبُّ الله ورسوله، ويُحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه. فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غَدَوْا كلهم يرجو أن يعطاها، فقال رسول الله صلى