للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإمساك جرية الماء حتى صار مَسْلكًا. وقوله "فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما" وليلتهما بالجر على الإضافة، ويومهما بالنصب عطف على بقية. وفي مسلم كالمؤلف في التفسير "بقية يومهما وليلتهما" وهو الصواب، لقوله بعده "فلما أصبح" لأنه لا يصبح إلا عن ليل، ويحتمل أن يكون المراد بقوله "فلما أصبح" أي: من الليلة التي تلي اليوم الذي سارا جميعه.

وقوله "آتنا غداءنا" بفتح الغين مع المد، وهو الطعام يؤكل أول النهار. وقوله {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: ٦٣] أي نسيت ذكره بما رأيت، وأما قوله تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف: ٦١] فقيل: نسب النسيان إليهما تغليبًا، والناسي هو الفتى، نسي أن يخبر موسى، كما جاء في رواية التفسير. وقيل: المراد أن الفتى نسي أن يخبر موسى بقصة الحوت، ونسي موسى أن يستخبره عن شأن الحوت بعد أن استيقظ؛ لأنه حينئذ لم يكن معه، وكان بصدد أن يسأله أين هو، فنسي ذلك.

وقيل: المراد بقوله {نَسِيَا} [الكهف: ٦١] أخرَّا، مأخوذ من النِّسْي بكسر النون، وهو التأخير، والمعنى أنهما أخرا افتقاده لعدم الاحتياج إليه، فلما احتاجا إليه ذكراه، وهو بعيد، بل صريح الآية يدل على صحة صريح الخبر، وأن الفتى اطلع على ما جرى للحوت، ونسي أن يخبر موسى بذلك. وعند مسلم أن موسى تقدم فتاه لما استيقظ فسار، فقال فتاه: ألا ألْحَقُ نبَيَّ الله فاخبره. قال: فنسي أن يخبره، وذكر ابن عطية أنه رأى سمكةً أحد جانبيها شوك وعظم وجلد رقيق على أحشائها، ونصفها الثاني صحيح، ويذكر أهل ذلك المكان أنها من نَسْل حوت موسى إشارة إلى أنه لما حَيَّ بعد أن أكل منه، استمرت فيه تلك الصفة، ثم في نسله.

وقوله {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: ٦٤] أي يتبعان آثارهما اتِّباعًا، وهذا يدل على أن الفتى لم يخبر موسى حتى سارا زمانًا، إذ لو أخبره أول ما استيقظ، ما احتاجا إلى اقتصاص آثارهما، وقوله "إذا رجل مسجىً"، أو قال "تسجَّى بثوب" رجل مبتدأ، سوغ الابتداء به

<<  <  ج: ص:  >  >>