والرجل إلى أصل الفخذ، والزيادة في الوجه لا يمكن أن تكون في العضو المطلوب غسله، بل هي في عضوآخر، إما الرأس، وإما العنق، وهذا مخالف لقوله تعالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إذ لا يطلق على واحد من الرأس والعنق أنه من الوجه.
واختلف القائلون بالزيادة على الفرض في القدر المستحب من التطويل في التحجيل، فقيل: إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة روايةً وعملًا، وعن ابن عمر من فعله أخرجه ابن أبي شَيْبة وأبو عُبيد بإسنادٍ حسن. وقيل: المستحب الزيادة إلى نصف الساق والعضد. وقيل: إلى فوق ذلك. وأما الغرة فتحصُلُ بأن يغسل شيئًا من مقدَّم رأسه، وما يجاوز وجهه زائدًا على القدر الذي يجب غسله لاستيعاب كمال الوجه.
وحمل ابن عرفة من المالكية فيما نقله الأُبِّيُّ عنه الغرة والتحجيل على أنهما كناية عن إنارة كل الذات، لا أنه مقصور على أعضاء الوضوء واستدل بما أخرجه الترمذي وصححه عن عبد الله بن بُسر:"أمَّتي يومَ القيامةِ غرٌّ من السجود، محجلةٌ من الوضوء".
قلت: هذا الحديث مفسر لكون المراد من حديث الباب الإنارة لا اعتبار فيه بلفظ الإِطالة، وتفسر الإطالة المذكورة في الحديث بأن المراد بها المداومة على الوضوء، لأن الطول والدوام معناهما واحد، ويمواظبة على الوضوء لكل صلاة تطول غرته بتقوية نور أعضائه.
وما قاله في "المصابيح" من أن حديث الترمذي معارَض بظاهر ما في البخاري غير ظاهر، إذ لا معارضة بينهما، بل الظاهر ما قلناه من كونه تفسيرًا له.
وكذلك قول صاحب "الفتح": "إن تفسير الإطالة بالدوام معتَرَضٌ بأن الراوي أدرى بمعنى ما روى، وكيف وقد صرح برفعه إلى الشارع صلى الله تعالى عليه وسلم". فيه أن مذهب الراوي أو تفسيره ليس حجة على مجتهد آخر على ما هو المعروف. وقوله:"وقد صرح برفعه إلى الشارع" إنما صرح إذا كان