مجازًا، ولأن مثل وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرًا لكنها تطلق على الغالب، فبهذا تلتئم الروايتان، ويكون المتروك بحيث لا يُخِلُّ بالمقصود.
وقال ابن دقيق العيد: بين نحو ومثل فرق من حيث إن لفظ "مثل" يقتضي المساواة من كل وجه إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين، بحيث يخرجان من الوحدة. ولفظ "نحو" لا يقتضي ذلك. ولعلها استُعملت هنا بمعنى المثل مجازًا، أو لعله لم يترك مما يقتضي المثلية إلا ما لا يقدَحُ في المقصود.
وفي "شرح العمدة": إنما حمل "نحو" على معنى "مثل" مجازًا أو على جل المقصود, لأن الكيفية المترتب عليها ثواب معين، باختلال شيء منها يختل الثواب المترتب، بخلاف ما يفعل لامتثال الأمر مثل فعله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه يُكتفى فيه بأصل الفعل الصادق عليه الأمر، نعم علمه عليه الصلاة والسلام بحقائق الأشياء وخفيات الأمور لا يعلمه غيره، وحينئذ فيكون قول عثمان رضي الله تعالى عنه "مثل" بمقتضى الظاهر.
وقوله:"ثم صلى رَكْعتين" فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء.
وقوله:"لا يحدث فيهما نفسه" قال في "الفتح": المراد به ما تسترسل النفس معه، ويمكن المرء قطعه؛ لأن قوله:"يحدِّث" يقتضي تكسبًا منه، فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس، ويتعذر دفعه، فذلك معفوٌّ عنه.
ونقل القاضي عياض عن بعضهم أن المراد من لم يحصل له حديث النفس أصلًا ورأسًا، ويشهد له ما أخرجه ابن المبارك في الزهد بلفظ "لم يُسِرَّ فيهما".
ورده النووي، فقال: الصواب حصول هذه الفضيلة مع طريان الخواطر العارضة غير المستقره، نعم: من اتفق أن يحصل له عدم حديث النفس أصلًا أعلى درجة بلا ريب؛ لأنه عليه الصلاة والسلام إنما ضمن الغفران لمن راعى ذلك بمجاهدة نفسه عن خطرات الشيطان، ونفيها عنه، وتفرغ قلبه، ولا ريب أن المتجردين عن شواغل الدنيا، الذين غلب ذكر الله على قلوبهم يحصل لهم ذلك.