صريح في المدَّعَى كحديث أنس عند البخاري قال:"نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتزعفر الرجل" إلى غير هذا، وأجابوا عن قصة عبد الرحمن بأجوبة منها:
إن ذلك كان قبل النهي. وهذا يحتاج إلى تاريخ، ويؤيده أن في قصة عبد الرحمن سياق يشعر بأنها كانت في أوائل الهجرة، وأكثر من روى النهي من تأخرت هجرته.
ثانيها: إن أثر الصفرة التي كانت على عبد الرحمن تعلقت به من جهة زوجته، فكان ذلك غير مقصود له، ورجحه النووي، وعزاه للمحققين، وجعله البيْضاوي أصلًا ردَّ إليه أحد الاحتمالين أبداهما ذهب قوله:"مهيم؟ " فقال: معناه ما السبب في الذي أراه عليك؟ فلذلك أجاب بأنه تزوج. قال: ويُحتمل أن يكون استفهام إنكار لما تقدم من النهي عن التضمُّخ بالخَلوق، فأجاب بقوله:"تزوجت" أي: فتعلق بي منها, ولم أقصد إليه.
ثالثها: إنه كان قد احتاج إلى التطيب للدخول على أهله، فلم يجد من طيب الرجال حينئذٍ شيئًا، فتطيب من طيب المرأة، وصادف أنه كان فيه صفرة، فاستباح القليل منه عند عدم غيره جمعًا بين الدليلين. وقد ورد الأمر في التطيب للجمعة ولو من طيب المرأة، فبقي أثر ذلك عليه.
رابعها: كان يسيرًا ولم يبق إلا أثر. فلذلك لم ينكر.
خامسها: وبه جزم الباجيّ: إن الذي يُكره من ذلك ما كان من زعفران وغيره من أنواع الطيب، وأما ما كان ليس بطيب فهو جائز.
سادسها: إن النهي عن التَّزَعْفُر للرجال ليس على التحريم، بدلالة تقريره لعبد الرحمن بن عوف في هذا الحديث.
سابعها: إن العروس يُستثنى من ذلك، ولاسيما إذا كان شابًّا. قال أبو عُبيد: كانوا يرخصون للشابِّ في ذلك أيام عرسه. قيل: كان في أول الإِسلام من تزوج لبس ثوبًا مصبوغًا علامة لزواجه، ليُعان على وليمة عرسه. قال: وهذا غير معروف.