حدث أو خبث، ولا حدث في الإِناء، فتعين الخبث، وأجيب بمنع الحصر، لأن التيمم لا يرفع الحدث، وقد قيل وله: طهور المسلم, لأن الطهارة تطلق على غير ذلك كقوله تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ}[التوبة: ١٠٣] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "السواك مطهرة للفم".
وأجيب عن الأول بأن التيمم ناشىء عن حدث، فلما قام مقام ما يُطَهِّر الحدث سمي طهورًا، ومن يقول بأنه يرفع الحدث يمنع هذا الايراد من أصله. والجواب عن الثاني أن ألفاظ الشرع إذا دارت بين الحقيقة اللغوية والشرعية حُملت على الشرعية، إلاّ إذا قام دليل. وعورض هذا بالحديث إطار:"السواك مطهرةٌ للفم" فإنه من ألفاظ الشارع، ولم تُقصد به الحقيقة الشرعية، وإنما قُصدت به الحقيقة اللغوية. وكذلك حديث:"طهور إناء أحدكم" لم يقصد به إلا الحقيقة اللغوية التي هي النظافة.
وادّعى بعض المالكية أن المأمور بالغسل من ولوغِهِ الكلب المنهيُّ عن اتخاذه دون المأذون فيه، ورُدَّ هذا بأنه يحتاج إلى قرينة تدل على أن المراد ما لم يؤذن في اتخاذه, لأن الظاهر من اللام في قوله:"الكلب" أنها للجنس أو لتعريف الماهية، فيحتاج المدعي أنها للعهد إلى دليل. وأجيب عن هذا بأن الإذن في اتخاذه هو الدليل, لأن في ملابسته مع الاحتراز منه مشقة شديدة، فالإذن في اتخاذه إذن في مكملات مقصودة، كما أن المنع من لوازمه مناسب للمنع منه، وهذا استدلال قوي، ولا يعارضه عموم الخبر الوارد بالغسل مما ولغ فيه الكلب, لأن تخصيص العموم غير مستنكر إذا سوغه الدليل.
وفرق بعضهم بين البدوي والحضري.
وادّعى بعضُهم أن ذلك مخصوص بالكَلْب الكَلِب، وأن الحكمة في الأمر بغسله سبعًا من جهة الطب، لأن الشارع اعتبر السبع في مواضع منه، كقوله:"صبّوا عليَّ من سبع قرب"، وكقوله:"من تصبحّ بسبع تمرات من عجوة لم يضرّه في ذلك اليوم سُمَّ ولا سحر" إلى غير ذلك، وتُعُقِّب بأن الكلب الكَلِب لا يقرب الماء، فكيف يؤمر بالغسل من ولوغه. وأجاب حفيد ابن رُشد بأنه لا يقرب الماء