وإلا فللأول، ويؤخذ ذلك من التعليل في قوله:"فإنما سمَّيْت على كلبك، ولم تسمِّ على غيره"، فإنه يُفهم منه أن المرسل لو سَمّى على الكلب لحلَّ، وفي رواية الشعبي:"وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل"، فيؤخذ منه أنه لو وجده حيًّا وفيه حياة مستقرة، فذكّاه، حلَّ, لأن الاعتماد في الإِباحة على التذكية لا على إمساك الكلب.
وقوله:"وإذا أكل فلا تأكل" فيه تحريم أكل الصيد الذي أكل منه الكلب، ولو كان الكلب معلمًا، وعُلل في الحديث بالخوف من أنه إنما أمسك على ...
وأما الآية، ففُسِّر الفسق فيها بما أُهِلَّ به لغير الله، وتوجيهه أن قوله:{وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} ليس معطوفًا, لأن الجملة الأولى فعلية إنشائية، والثانية خبرية، ولا يجوز أن تكون جوابًا لمكان الواو، فتعين كونها حالية، فتفيد النهي بحال كون الذبح فسقًا، والفسق مفسر في القرآن بما أُهل به لغير الله، فيكون دليلًا لهم لا عليهم، وهو نوع من القلب، وقال تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥]، وهو لا يسمّون، وقد قام الإِجماع على أن من أكل متروك التسمية ليس بفاسق، قاله القَسْطلّاني.
وما احتج به من كون الأولى طلبية، والأخيرة خبرية، لا يَسوغ عطفها عليها غير صحيح، فإن سيبويه ومن تبعه من المحققين يجيزون ذلك، ولهم شواهد كثيرة.
وما ذكره من كون الإجماع على أن من أكل متروك التسمية ليس بفاسق غير صحيح، وكيف يصحُّ مع استدلال العلماء المتقدمين بالآية على أن ترك التسمية على الذبيحة عمدًا فسق.
ودلَّ قوله:"إذا أرسلت كلبك المعلَّم" على إباحة الاصطياد بالكلاب المعلمة، واستثنى أحمد وإسحاق الكلب الأسود، وقالا: لا يحل الصيد به لأنه شيطان. ونُقل عن الحسن وإبراهيم وقتادة نحو ذلك.
وفيه جواز أكل ما أمسكه الكلب بالشروط المذكورة من التعليم، والتسمية،