وتكون هذه الجملة مقطوعة عما بعدها. ولا يخفى بعد هذا.
وقال ابن القصّار: مجرد إرسال الكلب إمساك علينا, لأن الكلب لا نية له، ولا يصح من مثلها، وإنما يتصيد بالتعليم، فإذا كان الاعتبار بأن يُمسك علينا أو على نفسه، واختلف الحكم في ذلك، وجب أن يتميز ذلك بنية من له نية وهو مرسله، فإذا أرسله فقد أمسكه عليه، وإذا لم يرسله لم يمسك عليه. وفي هذا أيضًا بُعد ومصادقة لسياق الحديث.
وسلك بعض المالكية الترجيح، فقال: هذه اللفظة ذكرها الشعبي، ولم يذكرها همّام، وعارضها حديث أبي ثعلبة. وهذا الترجيح معارَضٌ بالترجيح السابق الأقوى.
وتمسك بعضهم بالاجماع على جواز أكله إذا أخذه الكلب بفيه وهمَّ باكله، فأُدرك قبل أن يأكل، قال فلو كان أكله منه دالاًّ على أنه أمسك لنفسه لكان تناوله بفيه وشروعه في أكله كذلك، ولكان يشترط أن يقف الصائد حتى ينتظر هل يأكل أم لا.
واستُدِلَّ بقوله:"كُل ما أمسك عليك" بأنه لو أرسل كلبه على صيد، فاصطاد غيره، حل لعموم قوله:"ما أمسكَ" وهذا قول الجمهور، وقال مالك: لا يحل. وهو رواية البُوَيْطي عن الشافعي.
وفي الحديث جواز الاصطياد للانتفاع بالصيد للأكل والبيع، وكذا اللهو، بشرط قصد التذكية والانتفاع، وكرهه مالك، بل المذهب عنده حرمة اصطياد مأكول اللحم بلا نيّة أصلًا، أو بنية قتله او حبسه أو الفرجة عليه؛ لأنه من العَبَثِ المنهي عنه، وإذا لم يقصد الانتفاع به حرم عند غير مالك, لأنه من الفساد في الأرض، بإتلاف نفس عبثًا، وقد قال الليث في الصيد للَّهْو: لا أعلم حقًّا أشبهَ بباطل منه. ويمكن أن يقال: يُباح، فإن لازَمَه وأكثر منه كُره, لأنه قد يشغله عن بعض الواجبات، وكثير من المندوبات، وأخرجه الترمذي عن ابن عباس رفعه:"من سكن البادية جفا، ومن اتّبع الصيد غَفِل" وله شاهد عن أبي هريرة عن