أبي شيبة لا اختصاص له به، فإن ذلك لفظ ابن عُيينة عن ابن شهاب عند مسلم، وقد بيّنا أنها غير مخالفة لرواية مالك، ورواية مالك رواها معه الليث وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد، كلهم عن ابن شهاب، أخرجه ابن خزيمة والإِسماعيلي وغيرهما عن ابن وَهْب عنهم، وهو لمسلم عن يونس وحده.
وعبَّر في الحديث بالابن دون الولد؛ لأن الابن لا يطلق إلا على الذكر، بخلاف الولد، فإنه يطلق عليهما، وفي ذلك إشارة إلى التفرقة بين بول الغلام والجارية قبل أن يطعما، وقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب:
الأول: الاكتفاء بالنضح في بول الغلام، ولابد في بولها من الغسل، وهو قول علي وعطاء والحسن والزهري وأحمد والشافعي وإسحاق وابن وهب من المالكية، ورواه الوليد بن مسلم عن مالك، وقال أصحابه: هي رواية شاذة عنه.
واحتج القائلون بالتفرقة بأحاديث ليست على شرط المصنف، منها ما أخرجه أحمد وأصحاب "السنن" إلاَّ النسائي عن علي مرفوعًا: "يُنضح بول الغلام ويُغسل بول الجارية" وإسناده صحيح.
ومنها ما أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه ابن خُزيمة وغيره عن لبابة بنت الحارث مرفوعًا:"إنما يُغسل من بول الأنثى، ويُنضح من بول الذكر".
ومنها ما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خُزيمة أيضًا عن أبي السمح نحوه بلفظ:"يرش".
وفرَّق بينهما بأن النفوس أعلق بالذكور منها بالإناث، فحصلت الرخصة في المذكور لكثرة المشقة. وبأنه أرق من بولها، فلا يلصق بالمحل كلصوق بولها، لأن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرودة على مزاجها أغلظ وأنتن، ومثلها الخُنثى كما جزم به في "المجموع".
الثاني: يكفي النضح فيهما، وهو مذهب الأوزاعي، وحكي عن مالك والشافعي، وخصص ابن العربي النقل في هذا بما إذا كانا لم يدخل أجوافهما شيء أصلًا.