للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحاربين، فقال: "إلا أن تلحَقوا بإبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وله فيه وفي الزكاة: "فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة"، والجمع بين ذلك هو أن إبل الصدقة كانت ترعى خارج المدينة، وصادف بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بلقاحه إلى المرعى طلب هؤلاء النفر الخروج إلى الصحراء لشرب ألبان الإبل، فأمرهم أن يَخْرُجوا مع راعيه، فخرجوا معه إلى إبل الصدقة، ففعلوا ما فعلوا.

وذكر ابن سعد أن عدد لقاحه عليه الصلاة والسلام خمس عشرة، وأنهم نحروا منها واحدة يقال لها الحناء وتابع في هذا الواقدي، وقد ذكره في "مغازيه" مرسلًا بإسناد ضعيف، وعند أبي عَوانة: "كانت ترعى بذى الجْدر" بالجيم والدال المهملة الساكنة، ناحية قُباء، قريبًا من عين على ستة أميال من المدينة.

وقوله: "وأن يشربوا من أبوالها وألبانها": أي: وأمرهم بالشرب منهما وله في رواية أبي رجاء: "فاخرُجوا فاشربوا من أبوالها وألبانها" بصيغة الأمر، وفي رواية قتادة: "فرخَّص لهم أن يأتوا الصدقة فيشربوا".

أما شربهم ألبان الصدقة فلأنهم من أبناء السبيل، وأما شربهم لبن لقاحه عليه الصلاة والسلام فبإذنه المذكور. وأما شربهم البول فاحتج به من قال بطهارته.

قال في "الفتح": أما في الإبل فبهذا الحديث الصحيح، وأما في غيرها من مأكول اللحم فبالقياس عليها.

قلت: ليس الأمر كما ذكر، بل الجميع بالنص، أعني: النعم، أما الغنم فبالحديث الذي بعد هذا، والأحاديث الآتية عنده، وأما البقر فقد أخرج عبد الله بن وَهْب في "مسنده" عن ابن المغفّل: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يُصلّى في معاطن الإبل، وأمر أن يُصلى في مراح البقر والغنم". وقال ابن المنذر: تجوز الصلاة في مراح البقر، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: "أينما أدركتك الصلاة فصلِّ"، فالقياس الذي قاله لعله في مأكول اللحم من غير الأنعام، مع أنه يأتي قريبًا ما يدل على العموم، ويأتي إن شاء الله التنبيه على

<<  <  ج: ص:  >  >>