واحتج به مالك، وأبو حنيفة، ومن تبعهم، ورده جماهير النقاد من المحدثين، وحكموا بضعفه للجهل بالساقط في الإِسناد، فإنه يُحتمل أن يكون تابعيًّا، ثم يحتمل أن يكون ذلك التابعي ضعيفًا، وهكذا إلى الصحابي، وإن اتفق أن الذي أرسله كان لا يروي إلا عن ثقة، إذ التوثيق في المبهم غير كاف.
ونقل ابن عبد البر، ومسلم في "مقدمته" رد الاحتجاج به، لكن عند بعض المحدثين، وخصوصًا الشافعي، إذا صح اتصال المرسل بمسند غيره، يجيء من وجه آخر، صحيح، أو حسن، أو ضعيف، يعتضد به، أو عضده مرسل، أخرجه من ليس يروي عن رجال المسند الأول قُبِلَ، ولم يفصل ابن الصلاح في المرسل المعتضد بين كبار التابعين وصغارهم، وقيد الإِمام الشافعي المعتضد بكونه من كبار التابعين، وبكونه لا يروي إلا عن الثقات أبدًا، بحيث إذا سمَّى من أبْهمَ لم يُسمِّ مجهولًا, ولا مرغوبًا عن روايته، ولا يكفي قوله: لم آخذ إلا عن الثقات، ولا فرق في ذلك عنده بين مرسل سعيد بن المُسَيِّب وغيره، وقيده أيضًا بكون من أرسله إذا شارك أهل الحفظ، يُوافقهم إلا في نقص لفظ من ألفاظهم لا يختل به المعنى، ولا ينحصر اعتضاده بما ذكر، بل يعتضِدُ بغيره، كقياس، وفعل صحابي، وعمل أهل العصر، ولا يُحْتَّجُّ بما لم يَعْتَضِد، لكن قال السبكي: إن دل على محظور ولم يُوجد غيره، فالأظهر وجوب الانكفاف احتياطًا.
فإن قيل: إذا اعتضد المرسل بمسند كان الاعتماد في الاحتجاج عليه لا على المرسل، فالجواب أنهما دليلان، فالمسند دليل برأسه، يحتج به منفردًا، والمرسل بالمسند يعتضد، ويصير دليلًا آخر، فيرجح بهما عند معارضة حديثٍ واحد، وخَصَّ الرّازيّ الكلام بمسند لا يحتَجُّ به منفردًا، وعليه فيكون اعتضاده به كاعتضاده بمرسل آخر، فيكون كل منهما معتضدًا بالآخر، وحجة به، وإذا وجد في السند عن رجل، أو