فيما أقسمت عليه؟ قالت: إنك ... الخ. والرَّحِمْ: القرابة من قبل الأب والأم، والكَلُّ -بفتح الكاف، وتشديد اللام- هو الذي لا يستقل بأمره، قال الله تعالى:{وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ}[النحل: ٧٦].
وتَكسِبُ المعدوم -بفتح أوله- أي تُعطي غيرك المعدومَ الذي لا يجده عندك، بحذف أحد المفعولين، يقول: كسبت الرجل مالًا وأكسبته بمعنى، وروي بضم أوله من الرباعي، وأُورِدَ على هذه أن الذي يكسب هو المعدم لا المعدوم فإنه لا يكسب، وأجيب بأن المعدم يطلق عليه معدوم، يقال رجل عديم لا عقل له، ورجل معدوم لا مال له، كأنهم نزلوا وجود من لا مال له منزلة العدم، وقيا: معناه تكسب المال المعدوم، وتُصيب منه ما لا يُصيب غيرك، وكانت العرب تتمادَحُ بكَسْبِ المال ولا سيما قريشٍ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة محظوظًا في التجارة، ولا بدَّ في هذا المعنى من أن يَنْضَمَّ إليه ما يليقُ به من كونه كان مع إفادته للمال ينفِقُهُ في الوجوه التي ذكرت من المكارم، وقد قال أعرابي يمدَحُ إنسانًا: كان أَكسَبَهُم لمعدومٍ وأعطاهم لمحرومٍ. وتَقْري الضَّيْف -بفتح أوله بلا هَمْز من الثلاثي، وسمع ضمه من الرباعي- أي تُهيِّئ له طعامه ونزله.
ونوائب الحق: حوادثه، وهذه الكلمة جامعة لأفراد ما تقدم، ولما لم يتقدم، وإنما قالت: نوائب الحق، لأنها تكون في الحق والباطل قال لبيد:
نوائِبُ مِنْ خَيرٍ وشَرٍ كِلاهُما ... فلا الخَير مَمدودٌ ولا الشَّرُّ لازِبُ
وفي بعض الروايات "وتَصْدُقُ الحديث" وهي من أشرف الخصال، وفي بعضها "وتُؤدي الأمانة" وفيما وصفته به، عليه الصلاة والسلام، جميع أصول مكارم الأخلاق، لأن الإِحسان إما إلى الأقارب أو الأجانب، وإما بالبدن أو بالمال، وإما على من لا يستَقِلُّ بأمره، أو من يستَقِلُّ، وذلك كله مجموع فيما وصفته به، وإنما أجابته بكلام فيه قسم وتأكيد، بـ "أن" و"اللام" لتزيل حيرته ودهشته، وفيما قالت دليل على أن من طُبِعَ على أفعال الخير لا يُصيبه ضَيْر. وفي القصة استحباب تأنيس من