نزل به أمر بذكر تيسيره عليه، وتهوينه لديه، وأن من نزل به أمر استحب له أن يُطْلِعَ عليه من يَثِقُ بنصحهِ، وصحة رأيه.
وقوله:"فانطلقت به خَديجة حتى أتت به ورقةَ بن نَوْفَلٍ ... الخ" انطلقت به أي مضت معه، فالباء للمصاحبة، لأنها تكون مع الفعل اللازم المعدى بالباء، بخلاف المعدى بالهمزة كأذهبته، وورقة بفتح الراء.
وقوله:"ابن عم خديجة" بنصب ابن، ويكتب بالألف وهو بدل من ورقة، أو صفة أو بيان، ولا يجوز جره، لأنه يصير صفة لعبدِ العُزّى، وليس كذلك، ولا كَتْبُهُ بغير ألف, لأنه لم يقع بين علمين.
وقوله:"وكان امرأً قد تَنَصَّر في الجاهلية" وفي بعض الروايات إسقاط "قد"، أي صار نصرانيًا، وكان قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نُفيل لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها، يسألون عن الدين؛ فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر، كان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ابن مَرْيم، لم يُبَدَّل، ولذلك أخبر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والبشارة به إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل، وسيأتي تعريفه قريبا. وأما زيد بن عَمرو فسيأتي خبره في المناقب، ويأتي تعريفه هناك. والجاهلية هي ما قبل الإِسلام من أمور الكفر.
وقوله:"فكان يكتب بالكتابِ العبرانيِّ" -أي الكتابة العبرانية- "فيكتُبُ من الإِنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب" أي: يكتبه بحذف العائد. وفي رواية يُونُس ومَعْمر:"ويكتُبُ من الإِنجيل بالعربية" ولمسلم: "فكان يكتُبُ الكتاب العربيَّ" والجميع صحيح, لأن ورقة تعلم اللسان العبراني، والكتابة العبرانية، فكان يكتب بالعبرانية، كما كان يكتب بالعربية، لتمكنه من الكتابتين واللسانين، وإنما وصفته بكتابة الإنجيل دون حفظه، لأن حفظ التوراة والإِنجيل لم يكن متيسرًا كتيسر حفظ القرآن الذي خُصَّت به هذه الأمة، ولهذا جاء في صفتها: "أناجيلُها