يقدرون في مثل هذا التركيب جملة بين الهمزة والواو وهي المعطوف عليها، كما قدره الزَّمَخْشري هنا: أمعادِيَّ هم، ومخرجي هم؟ وعلى ما قالوه تكون الهمزة في محلها الأصلي، وعلى كلام النحاة تكون الهمزة مقدمة عن محلها بعد العاطف خُصَّتْ بهذا التقديم على العاطف مع أنه لا يتقدم عليه جزء مما عطف تنبيهًا على أصالتها في أدوات الاستفهام، وهو له الصدر. نحو {أَوَلَمْ يَسِيرُوا}[الروم: ٩]{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا}[الأعراف: ١٨٥]{أَفَلَمْ يَسِيرُوا}[يوسف: ١٠٩] وقد جاء الاستفهام بغيرها متأخرًا عن العاطف في قوله تعالى {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}[يونس: ٣٤]{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}[التكوير: ٢٦]. وقيل: جملة الاستفهام عطف على جملة التمني في قوله: "ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك" فيكون المعطوف عليه أول الجملة لا آخرها، وهو من عطف الإِنشاء على الإِنشاء. وأما عطف جملة على جملة في كلام الغير فهو سائغ وارد في القرآن العظيم. قال الله تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ ... -إلى قوله- قَالَ ومِنْ ذْرَيتي}[البقرة: ١٢٤].
وقوله:"لم يأتِ رجلٌ قَطُّ" فقط ظرف مستغرق للزمن الماضي، منقول من القَطِّ بمعنى القطع، فإذا قلت: ما رأيتهُ قطُّ فمعناه فيما انقطع من عمري، وبنيت على حركة لأن لها أصلًا في التمكن, لأن أصلها القط، وكانت ضمة، تشبيهًا لها بقبل لدلالتها على ما تقدم من الزمان مثله، والغالب أنها لا تأت إلا بعد النفي، وجاءت نادرًا بعد موجب في قول عمر: قَصَرْنا الصلاةَ معَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أكثَرَ ما كُنّا قَطُّ.
ومنه قول الزبَيْر:"وكان عبد الله أحسنُ رجلٍ رُئِي في قريشٍ قَطُّ". وفيها لغات: قط -بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة، وبفتحها وتشديد الطاء مكسورة، وبفتحها وسكون الطاء، وبفتحها وضم الطاء مخففًا، وبضمها وتشديد الطاء مضمومة- وجمعها ابن بون بقوله:
وقد يُقالُ قَطُّ قُطُّ قَطِّ قَطْ قَطُ ... قَطُ وما تَثليثُ عَوْضٍ بالغَلَط
وعَوْض بتثليث الضاد بعكس قط فهي لاستغراق الزمن المستقبل.