وحضر الزهري يومًا مجلس هشام بن عبد الملك وعنده أبو الزِّناد، عبد الله بن ذَكْوان، فقال هشام: أي شهر كان يخرج العطاء فيه لأهل المدينة؟ فقال الزُّهري: لا أدري، فسأل أبو الزِّناد، فقال: من المحرم، فقال هشام للزهري: يا أبا بكر! هذا علم استفدته اليوم، فقال: مجلس أمير المؤمنين أهل أن يستفاد منه العلم.
وكان إذا جلس في بيته وضع حوله كتبه، فيشتغل بها عن كل شيء في أمور الدنيا، فقالت امرأته يومًا: إن كتبك هذه أشد علي من ثلاث ضرائر.
وكان أبو جده، عبد الله بن شهاب، يوم بدر، مع المشركين، وكان أحد النفر الذين تعاقدوا يوم أحد، لَئِن رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقتلونه، أو ليقتلُن دونه، وروي أنه قيل للزهري: شهد جدك بدرًا؟ فقال: نعم، ولكن من ذلك الجانب، يعني أنه كان في صَفِّ المشركين، وكان أبوه مُسلم مع مُصعَب بن الزُّبير، ولم يزل الزهري مع عبد الملك، ثم ابنه هشام، وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه.
روى عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن جَعْفر، وربيعة بن عباد، والمِسْوَر بن مَخْرَمَة، وعبد الرحمن بن أزْهر، وسهل بن سعد، وأنس، وجابر، وأبي الطُّفَيْل، والسّائِب بن يزيد، ومحمود بن الرَّبِيع، ومحمد ابن لَبيد، وثَعْلَبة بن أبي مالك، وأبي أُمامة بن سَهْل بن حَنيف، ومالك ابن أوس بن الحَدثان، وخلق كثير.
وروى عنه عطاء بن أبي رَباح، وأبو الزُّبير المكي، وعمر بن عبد العزيز، وعمرو بن دينار، وصالح بن كَيْسان، وأَبَان بن صالح، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأيوب السَّخْتِياني، والأَوْزَاعيّ، وابن جُرَيْج، والليث، ومالك، وسفيان بن عُيينة، ومحمد بن المُنْكَدِر، ومنصور بن المُعْتَمِر، وخلق كثير.
مات بالشام سنة أربع وعشرين ومئة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة،