الجدار وتعليق الطلاق ونحوه بجامعِ قطْعِ الاتِّصال، وأما ما وقَعَ الحذفُ من آخره أو أثنائه فليس تعليقًا لاختصاصه بألقابٍ أُخر كالعَضْلِ والقَطْعِ والإِرسالِ وهو كثيرٌ في البخاري قليلٌ في مسلمٍ حتى قال العراقيُّ: ليس عندَهُ بعد مقدمةِ الكتابِ حديثٌ لم يُوصِلْهُ سوى موضعٍ واحدٍ في التيممِ وهُو حديثُ أبي جُهيمِ بنِ الحارثِ بن الصِّمةِ: أقبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من نحوِ بئرِ جَملٍ الحديثُ. قال فيه مسلم: وروى الليثُ بنُ سعدٍ ولم يُوصِلْ إسنادَه إلى ابن سعد، وقد أسندهُ البخاري عن يحيى بنِ بُكيرٍ، عن الليث.
وما جاء في "الصحيحين" منه فإن كان بصيغةِ الجزم كقال وذَكَرَ وروى فلانٌ فهو صحيحٌ عمَّن عَلَّقهُ عنه فإنَّ مُعلِّقَهُ لا يستَجيزُ إطَلاقهُ إلا وقَدْ صحَّ عندهُ عنه، وإن وَقعَ بصيغةِ التَّمريْض، كيُذْكرُ ويُروى، ويُقال ورُوِي، وذُكِر، وقيل فلا تُصحِّحْهُ عملًا بظاهرِ الصيغة، ولأنَّ استعمالها في الضعيف أكثرُ منه في الصحيح، وحمل ابنُ الصّلاح: ما أَدْخَلتُ في كتابي الجامعِ إلا ما صحَّ، وقول الأئمةِ ما فيه محكومٌ بصحتِهِ، على أنَّ المراد مقاصدُ الكتاب وموضوعهُ ومتون الأبوابِ دون التَّراجمِ ونحوِها، ولكنَّ إيراد المعلقِ لذلك في أثناء صحيحهِ مُشْعِرٌ بصحةِ الأصل له إشعارًا يُؤْنسُ به ويُرْكنُ إليه.
أما الذي عزاهُ المصنفُ لشيخهِ بِقال فحُكْمُهُ حكمُ العنْعَنَةِ فيكونُ متّصلًا من البخاري ونحوه لثبوتِ اللِّقاءَ والسلامةِ إذ شرطُ الاتصال ثبوتُ ذلك كما مرَّ في الحديثِ الأول فلا يكونُ تعليقًا وقيل: تعليقٌ وعليه جرى الحُميْديُّ وتوسَّطَ بعضُ علماء المغاربة فسمّى ذلك بالتعليق المتصل من حيثُ الظاهرُ، المنفصل من حيثُ المعنى، لكنه أدْرجَ معه "قال لي" ونحوها مما هو متصلٌ جزمًا وقال العراقي: إن حكم "قال" في الشيوخ مثلُ غيرها من التعاليق المجزومة وأمثلة ذلك كثيرةٌ، فمنها خبرُ المعازف أي آلات الملاهي حيثُ قال البخاري في باب الأشربة: قال هشامُ بنُ عمار، حدثنا صدقةُ بن خالد، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثنا