من أهل اليمن: كان معمرٌ رجلًا له قَدْرٌ ونُبْلٌ في نفسه، ولمَّا خرج إلى اليمن شَيَّعه أيوب، شهد جنازة الحسن البصري.
وسمع خلقًا من التابعين منهم عمرو بن دينار، وقتادة، وأيوب، وخلق كثير. وروى عنه أيوب -من شيوخه- وعمرو بن دينار، والثَّوري -من أقرانه- وأبو إسحاق السَّبيعي، وابن المبارك ويحيى بن أبي كثير، مات باليمن سنة أربع أو ثلاث أو اثنتين وخمسين ومئة عن ثمان وخمسين سنة، وأما ما رُوي من أنه هو وسَلْم بن أبي الذَّيَّال فُقِدا ولم يُرَ لهما أثرٌ، فليس بصحيح، لقول ابن عُيينة يَسْأَلُ عَبْد الرزاق أخبرني عما يقول الناس في معمر: إنه فقد، ما عندكم فيه؟ فقال: مات معمر عندنا، وحضرنا موته، وخَلَّفَ على امرأته قاضينا مُطَرِّف بن مازن.
وليس في الصحيحين معمر بن راشد غيره، بل ليس فيهما معمر غير معمر بن يحيى بن سام الضبِّي روى له البخاريٍ حديثًا في الغُسل، وغير معمر بن أبي حَبيبة، وقيل: حُيَيَّة بياءين مُصَغَّرٌ، وفي الرواة في الكتب الأربعة معمر ستة، ومعمر في الصحابة ثلاثة عشر.
ولما انتهى الكلامُ على رجال المتابعات آن الشروع في تبيين المتابعة وحقيقتها، فأقول: قد مرَّ أن عبد الله بن يوسف وأبا صالح متابعان ليحيى ابن بُكَير شيخ المؤلف، وهلال بن ردَّاد متابعٌ لعَقيل بن خالد عن الزُّهري، فمتابعة الأوَّلَين تامةٌ ومتابعة هلال ناقصةٌ وذلك أن المتابعة قسمان: فإذا كان المتابِعُ -بالكسر- رفيقًا للمتابَعِ -بفتح الباء- من أول الإِسناد إلى آخره، كمتابعة الأولين كانت متابعة "تامة"، وإذا كان رفيقًا لا من أول السند، كمتابعة الأخير سميت متابعة "ناقصة"، ثم النوعان ربما لا يُسَمّى المتابَعُ عنه فيهما، وربما سُمِّي، ففي الأولى لم يُسَمَّ المتابَع عنه الذي هو الليثُ، وفي الثانية سُمِّي المتابَع عنه وهو الزُّهري،