رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم يحركهما، وأما سعيد بن جُبَيْر فرأى ذلك من ابن عباس بلا نزاع، وقوله تعالى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ} أي: بالقرآن، {لِسَانَكَ} قبل أن يَتِمَّ وحيُه {لِتَعْجَلَ بِهِ} أي: لتأخُذهُ على عجلةٍ مخافةَ أن يَنْفَلِتَ منك، ولا تنافيَ بين قوله: يحرك شفتيه، وبين قوله في الآية:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} , لأن تحريك الشفتين بالكلام المشتمل على الحروف التي لا يَنْطِق بها إلا اللسان يَلْزَم منه تحريكُ اللسان، أو اكتفي بالشفتين وحذف اللسان لوضوحه، لأنه الأصل في النُّطقِ، فيكون حذفه من باب الاكتفاء على حَدِّ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي: والبرد، وللمؤلف في التفسير وابن جَرير في تفسيره: ويحرك به لسانه وشفتيه , فجمع بينهما.
وقوله:{إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}[القيامة: ١٧] أي: قراءتَه، فهو مصدر مضاف لمفعوله، والفاعل محذوف تقديره: قراءتك إياه.
وقوله: قال: جَمَعَه لك صدرُك، القائل هو ابن عباس في تفسيره، وجَمَعَه بفتح الجيم والميم فعلُ ماضٍ، ولك: اللام فيها للتعليل أي: لأجلك أو للتبيين، وصدرك فاعل، وفيه إسناد الجمع إلى الصدر مجازًا، لأن الجامعَ هو الله أي: جَمَعَهُ اللهُ في صدرك، فهو على حد: أنبت الربيعُ البقلَ، أي: أنبتَ اللهُ في الربيع البقلَ، وفي رواية لأبوي ذَرٍّ والوقتِ:"جَمْعَهُ لَك صَدْرُك" بإسكان الميم مصدر، وصدرك بالرفع فاعله، وفي رواية "جَمْعَهُ لك في صدرِك" وهي توضح الأولى، وفي رواية:"جَمْعَه له" بإسكان الميم أي: جمع اللهُ تعالى للقرآنِ في صدرك، الضمير الأول لله تعالى، والثاني للقرآن، وفي رواية:"جَمْعَه له في صدرك"، بزيادة "في".
وقوله:"وتقرأه": قاله ابن عباس في تفسيره، وقال البيضاوى: إثبات قرآنه في لسانك وهو تعليل للنهي.
وقوله:{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}[القيامة: ١٨]؟ أي: إذا قرأناه بلسان