القول الرابع: يستحب فعلها تارةً وتركها تارة، بحيث لا يواظب عليها، وهذه إحدى الروايتين عنده والحجة فيه حديث أبي سعيد "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها" أخرجه الحاكم. وعن عكرمة: كان ابن عباس يصليها عشرًا، ويدعها عشرًا. وقال الثَّوريّ عن منصور: كانوا يكرهون أن يحافظوا عليها كالمكتوية، وعن سعيد بن جبير: إني لأدعها وأنا أحبها، مخافة أن أراها حتمًا عليّ.
الخامس: تستحب صلاتها، والمواظبة عليها في البيوت، للأمن من الخشية المذكورة.
السادس: أنها بدعة، صح ذلك من رواية عُروة عن ابن عمر، وسئل أنس عن صلاة الضحى فقال: الصلوات خمس. وعن أبي بكرة: أنه رأى ناسًا يصلون الضحى فقال: ما صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا عامّة أصحابه. وقد ذكر الحاكم الغالب هذه الأقوال مستندًا، وبلغ عدد رواة الحديث في إثباتها نحو العشرين نَفسًا من الصحابة، وروى الحاكم عن عقبة بن عامر قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي الضحى بسور منها {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، والضحى. ومناسبة ذلك ظاهرة جدًا.
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبَّح سبحة الضحى، وإني لأسبحها" وفي رواية "وإني لأستحبها" من الاستحباب، ولكل منهما وجه، لكن الأول يقتضي الفعل، والثاني لا يستلزمه. وجاء عن عائشة في ذلك أشياء مختلفة، أوردها مسلم، فعنده عن عبد الله بن شقيق قلت لعائشة: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه" وعنده من طريق معاذة عنها "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الضحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله" ففي الأول نفي رؤيتها لذلك مطلقًا، وفي الثاني تقييد النفي بغير المجيء من مغيبه. وفي الثالث الإثبات مطلقًا.