حالة العقد شيء، لكنها تملك المطالبة، فثبت أنه يثبت لها حالة العقد شيء تطالب به الزوج، ولا يتأتّى مثل ذلك في العتق، فاستحال أن يكون صداقًا.
قال في الفتح: وتُعُقب ما ادعاه من الاستحالة بجواز تعليق الصّداق على شرط إذا وُجد استحقته المرأة، كأنْ يقول: تزوجتك على ما سيستحق لي عند فلان، وهو كذا، فإذا حل المال الذي وقع العقد عليه استحقته. قلت: القرطبيّ مالكيّ، وما ذكر أنه متعقب عليه به فاسد في مذهبه، لا يجوز عنده هذا الشرط، فإذا كان جائزًا في مذهب صاحب الفتح لا يعترض عليه به، إذ لا يصح الاعتراض على مذهب بمذهب، وأجاب القائلون بعدم صحته، ذلك عن ظاهر الحديث، بأجوبة أقربها إلى لفظ الحديث أنه إنْ أعتقها بشرط أن يتزوجها فوجبت له عليها قيمتها، وكانت معلومة فتزوجها بها، ويؤيده قوله في رواية عبد العزيز بن صهيب: سمعت أنسًا قال: سبى النبي -صلى الله عليه وسلم- صفيةَ فأعتقها وتزوجها. فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: نفسها فأعتقها. هكذا أخرجه المصنف في المغازي، وفي رواية ثابت وعبد العزيز عن أنس قال: وصارت صفية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم تزوجها، وجعل عتقها صداقها، فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنسًا ما أمهرها؟ قال: أمهرها نفسها، فتبسم. وهذا ظاهر جدًا في أن المجعول مهرًا هو نفس العتق، وهو الذي أوَّلَ به بعضهم فقال: إنه جعل نفس العتق مهرًا أو أنه من خصائصه، وجزم بذلك الماورديّ.
قال في الفتح: والتأويل الأول لا بأس به، فإنه لا منافاة بينه وبين القواعد، حتى لو كانت مجهولة، فإن في صحة العقد بالشرط المذكور وجهًا عند الشافعية. وقال آخرون: قوله "أعتقها وتزوجها". معنا أعتقها ثم تزوجها، فلما لم يعلم أنه ساق لها صداقًا قال: أصدقها نفسها، أي لم يصدقها شيئًا فيما أعلم، لم ينف أصل الصَّداق ومن ثُمّ قال أبو الطيّب الطَّبريّ من الشافعية وابن المرابط من المالكية، ومن تبعهما: إن قول أنس قاله ظنًا من نفسه، ولم يرفعه، وربما تأيد ذلك عندهم بما أخرجه البيهقي عن أُميمة، ويقال أَمة الله بنت رزينة عن أمها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفية، وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة، وكان أتى بها