وورد من حديث عثمان بن أبي طلحة عند أحمد والطبرانيّ بإسناد قويّ، ومن حديث أبي هريرة عند البزار، ومن حديث عثمان بن صفوان قال: فلما خرج سألت من كان معه، فقالوا: صلّى ركعتين عند السَّارية الوُسطى. أخرجه الطبرانيّ بإسناد صحيح. ومن حديث شيبة بن عثمان قال: لقد صلّى ركعتين عند العمودين. أخرجه الطبرانيّ بإسناد جيد. وقوله: بين الساريتين، تثنية سارية، وهي الأُسطوانة. وقوله: اللتين على يساره، أي الداخل، أو يسار البيت، أو هو من الالتفات. ولأبي ذَرٍّ عن الكشميهنيّ "يسارك" بالكاف وهي أنسب لما بعدها، وفي رواية سالم في الحج "بين العمودين اليمانيين" وفي رواية جُوَيرية "بين العمودين المقدمين" وفي رواية الكشميهنيّ "المتقدمين".
وفي رواية فُليح في المغازي "بين ذينك العمودين المقدمين" وكان البيت على ستة أعمدة سطرين، صلى بين العمودين من السطر المقدم، وجعل باب البيت خلف ظهره. وقال في آخر روايته: وعند المكان الذي صلى فيه مرمرةٌ حمراء. وفي رواية مالك "جعل عمودًا عن يمينه وعمودًا عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة" وكل هذا إخبار عما كان عليه البيت قبل أن يهدم ويُبنى في زمن ابن الزبير. وليس بين رواية مالك والتي قبلها مخالفة إلَّا أن قول مالك: وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة، مُشكلٌ لأنه يُشعر بكون ما عن يمينه أو يساره كان اثنين، ولذا عقبه البخاريّ في باب "الصلاة بين السواري" برواية إسماعيل عن مالك التي فيها "عمودين عن يمينه" وجزم البيهقيّ بترجيح رواية إسماعيل، ووافقه في قوله "عمودين عن يمينه" ابنُ القاسم والقعنبيُّ وأبو مصعب ومحمد بن الحسن، وكذا الشافعي وابن مهدي في إحدى الروايتين عنهما.
وقال يحيى بن يحيى النيسابوريّ فيما رواه عنه مسلم: جعل عمودين عن يساره، وعمودًا عن يمينه، عكس رواية إسماعيل. وكذا قال الشافعيّ وبشر بن عمر في إحدى الروايتين عنهما، وجمع بعض المتأخرين بين هاتين الروايتين بتعدد الواقعة، وهو بعيد لاتحاد مخرج الحديث. وفيه اختلاف رابع، قال