للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الغرائب عن عبد الله بن وهب، ولفظه "وصلى بينه وبين القبلة ثلاثة أذرع" وأخرجها أبو عُوانة عن نافع، وهذا فيه الجزم بثلاثة أذرع، لكن رواه النسائي عن ابن القاسم عن مالك بلفظ "نحو ثلاثة أذرع" وهي موافقة لرواية موسى بن عقبة. وفي رواية الأزرقي في كتاب مكة، والفاكهيّ، أن معاوية سأل ابن عمر أين صلّى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: اجعل بينك ويين الجدار ذراعين أو ثلاثة، فعلى هذا ينبغي لمن أراد إلاتباع في ذلك أن يجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع، فإنه تقع قدماه في مكان قدميه -صلى الله عليه وسلم- إنْ كانت ثلاثة أذرع سواء، وتقع ركبتاه أو يداه ووجهه إن كان أقل من ثلاثة.

وأخذ من قوله: ركعتين بين الساريتين، جواز الصلاة بين السواري، واحتج به البخاريّ على أنه لا بأس بالصلاة بين السواري إذا لم يكن في جماعة لا في جماعة، لأن ذلك يقطع الصفوف، وتسوية الصفوف في الجماعة مطلوبة، وعند المالكية الصلاة بينها مكروهة تنزيهًا، سواء المنفرد ومن في جماعة، لورود النهي الخاص عن الصلاة بينها، فيما أخرجه الحاكم بإسناد صحيح عن أنس، وهو في السنن الثلاثة وحسّنه التِّرمذيّ، وقال المحب الطبريّ: كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد عن ذلك، ومحل الكراهة عند عدم الضيق، والحكمة فيه إما لانقطاع الصف، أو لأنه موضع السراويل والنعال. وقال القرطبيّ: الحكمة في ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين. وقال الرافعي: الأَولى للمنفرد أن يصلي إلى السارية، ومع هذه الأولوية فلا كراهة في الوقوف بينهما للمنفرد، وأما في الجماعة فالوقوف بين الساريتين كالصلاة إلى السارية. قال في الفتح: وفيه نظر، لما مرّ من النهي الخاص عن ذلك.

وفيه استحباب الصلاة في الكعبة، وهو ظاهر في النفل، وهو مشهور مذهب مالك: يجوز في الكعبة النفل بل يندب، وأما الفرض ففيه قولان بالمنع والكراهة، والمشهور الكراهة، وتندب إعادته في الوقت، والسنن والرغبة مكروهة فيها، ولا فرق في حالة الصلاة فيها بين جهة من الجهات، ولو إلى جهة بابها المفتوح. وقال المازريّ: المشهور في المذهب منعُ صلاة الفرض

<<  <  ج: ص:  >  >>