الرُّوذ المتقدم ذكرها: مدينة مبنية على نهر، وهو المسمى بالرُّوذ على اللغة العجمية في تسمية النهر بذلك، وهي أشهر مدن خراسان، بينها وبين مَرْوِ الشَّاهْجان أربعون فرسخًا، وهاتان المدينتان هما المروان، أُضيفت إحداهما إلى الشّاهْجان وهي العظمى، والنسبة إليها مَرْوَزِي، والثانية إلى النهر المذكور، والنسبة إليها مَرْو الرُّوذِيّ ليحصل الفرق بينهما، وقيل مَرْوَزي.
وعبدان لقب جماعة، هذا أكبرهم، وعبد الله بن عثمان في الكتب الستة ثمانية.
الثاني: عبد الله بن المبارك بن وَاضح الحَنْظَلِيّ التَّميميّ مولاهم أبو عبد الرحمن المَرْوَزِي، أحد الأئمة، كان قد جمع بين العلم والزُّهد، وكان كثّير الانقطاع، مُحبًّا للخَلْوة، شديد التَّوَرُّع، وكان أبوه تُركيًّا مملوكًا لرجل من همدان، وأمه خُوارَزْمِيّة، وكان كثير المشايخ، رُوي عنه أنه قال: كتبت عن أربعة آلاف شيخ، فرويت عن ألف.
قال سفيان بن عُيَيْنة: ابن المبارك عالم المشرق والمغرب وما بينهما، وقال شُعبة: ما قدم علينا مثلُه، وقال أبو إسحاق الغَزَاري: ابن المبارك إمام المسلمين، وقال ابن مَهْدي: الأئمة أربعة الثَّوْري، ومالك، وحَمّاد بن زيد، وابن المُبارك، وقال لما سئل عن سفيان وابن المبارك: لو جَهَدَ سفيان جَهْدَهُ على أن يكون يومًا مثل عبد الله لم يقدِر، وقال شُعيب بن حرب: إني لأَشْتَهي من عُمُري كُلِّه أن أكون سنة واحدة مثل ابن المبارك فما أقدر ولا ثلاثة أيام، وقال شُعيب: ما لَقِي ابنُ المبارك رجلًا إلا وابن المبارك أفضل منه، وقال أبو أسامة: ما رأيت أطلب للعلم منه، وقال أحمد بن حَنْبلِ: لم يكن في زمانه أطلب للعلم منه، جمع أمرًا عظيمًا، ما كان أحدٌ أقلَّ سقَطًا منه، كان رجلًا صاحبَ حديث حافظًا، وكان يحدث من كتاب، وقال ابن عُيينة: نظرت في أمر الصحابة فما رأيت لهم فضلًا على ابن المبارك إلا بصحبتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وغزوهم معه، ولما نُعِي