للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} وقال الشافعيّ في الأم: لما كان من اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصيًا، وكانت في المعاصي حدود آداب، وكان من أدب العاصين أن يعطل عليهم شروطهم ليرتدعوا عن ذلك، ويرتدع به غيرهم، كان ذلك من أيسر الأدب.

قلت: هذا لا يستقيم إلا عند تَقَدُّم تعليم منه صلى الله تعالى عليه وسلم لهم بذلك، كما في التأويل الذي قبله، وإلا لما أمكن التأديب. وقال غيره: معنى "اشترطي" اتركي مخالفتهم. فيما شرطوا, ولا تظهري نزاعهم فيما دعوا إليه، مراعاة لتنجيز العتق، لتشوف الشارع إليه، وقد يعبر عن الترك بالفعل، كقوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} أي نتركهم يفعلون ذلك، وليس المراد بالإذن إباحة الإضرار بالسَّحر. قال ابن دقيق العيد: وهذا، وإن كان محتملًا، إلا أنه خارج عن الحقيقة من غير دلالة على المجاز من حيث السياق. وقال النووي: أقوى الأجوبة أن هذا الحكم خاص بعائشة في هذه القضية، وأن سببه المبالغة في الرجوع عن هذا الشرط لمخالفته حكم الشرع، وهو كنسخ الحج إلى العمرة كان خاصًا بتلك الحجة، مبالغة في إزالة ما كانوا عليه من منع العمرة في أشهر الحج، ويستفاد منه ارتكاب أخف المفسدتين إذا استلزم إزالة أشدهما، وتعقب بان استدلال بمُختلف فيه على مختلف فيه، وتعقبه ابن دقيق العيد بأن التخصيص لا يثبت إلا بدليل، وبأن الشافعيّ نصّ على خلاف هذه المقالة.

وقال ابن الجوزيّ: ليس في الحديث أنَّ اشتراط الولاء والعتق كان مقارنًا للعقد، فيحمل على أنه كان سابقًا للعقد، فيكون الأمر بقوله "اشترطي" مجرد الوعد، ولا يجب الوفاء به، وتعقب باستبعاد أنه عليه الصلاة والسلام يأمر أحدًا أنْ يعد مع علمه بأنه لا يفي بذلك الوعد، وأغرب ابن حزم فقال: كان الحكم ثابتًا بجواز اشتراط الولاء لغير المعتق، فوقع الأمر باشتراطه في الوقت الذي كان جائزًا فيه، ثم نسخ ذلك الحكم بخطبته عليه الصلاة والسلام، وبقوله "إنما الولاء لمن أعتق" ولا يخفى بعدما قال، وسياق طرق هذا الحديث تدفع في وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>