وفيه أن كلمة"إنما للحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور، ونفيه ممن عداه، ولولا ذلك، لما لزم من إثبات الولاء للمعتق، نفيه على غيره، واستدل بمفهومه على أنه لا ولاء لمن أسلم على يديه رجل، أو وقع بينه وبينه محالفة، ولا للملتقط خلافًا للحنفية في الجميع. قال ابن المنذر: الجمهور على أن لا ولاء لمن أسلم على يديه رجل. وقال حماد وأبو حنيفة وأصحابه، وروي عن النخعيّ أنه يستمر إنْ عَقَل عنه، وإن لم يعقل عنه فله أن يتحول لغيره، واستحق الثاني، وهلم جرًا وعن النخعي قول آخر: ليس له أن يتحول، وعنه: إن استمر إلى أن مات تحول عنه، وبه قال إسحاق وعمر بن عبد العزيز، والجمهور على أن اللقيط وولاءه لبيت المال. وجاء عن النخعيّ أنّ ولاءه للذي التقطه، واحتج بقول عمر لأبي جميلة في الذي التقطه "اذهب فهو حر، وعلينا نفقته، ولك ولاؤه" وأجيب عنه بأن معنى قول عمر "ولك ولاؤه" أي أنت الذي تتولى تربيته، والقيام بأمره، فهي ولاية الإِسلام لا ولاية العتق. وروي عنه كالجماعة.
وجاء عن علي أن اللقيط مولى من شاء،، وبه قال الحنفية، إلى أن يعقل عنه، فلا ينتقل بعد ذلك عمن عقل عنه، وروى عن شريح وإسحاق بن راهويه مثل قول النخعيّ الأول، واستفيد من منطوق "إثبات الولاء لمن أعتق سائبة، ويدخل فيمن أعتق عتق المسلم للمسلم وللكافر، وبالعكس. وقال ابن عمر: من أعتق سائبة، هو ولي نعمته، وله ميراثه، فإنْ تأثَّم أو تحرَّج جعل إرثه في بيت المال" وبهذا الحكم في السائبة قال الحسن البصريّ وابن سيرين والشافعيّ. وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح أن سالمًا مولى أبي حذيفة الصحابيّ أعتقته امرأةٌ من الأنصار سائبة، وقالت له: والِ من شئت، فوالى أبا حذيفة، فلما استشهد باليمامة دفع ميراثه للأنصارية أو لابنها.
وأخرج ابن المنذر أن ابن عمر أتي بمالِ مولى له مات، فقال: إنّا كنا أعتقناه سائبة، فأمر أن يشترى بثمنه رقابٌ فتعتق، وهذا يحتمل أن يكون فعله على سبيل الوجوب، أو على سبيل الندب، وقد أخذ بظاهره عطاء، فقال: إذا لم يخلّف السائبة وارثًا، دعي الذي أعتقه، فإن قبل ماله وإلا ابتيعت به رقابٌ