عليه وسلم ضعفاء قريش، وما أجاب به خلاف الواقع، لأن أول من تَبِعَ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من قريش العشرة المبشرون بالجنة، وخديجة بنت خُوَيْلد، والجميع أشراف، لأن الشرف إما بالنسب والحسب، أو بالمال، وكلهم ذو نسب وحسب، ومنهم من هو من أهل المال، كخديجة وأبي بكر، وعثمان، ولكن الله تعالى أنطق أبا سفيان بخلاف الواقع لنبينا عليه الصلاة والسلام دَسِيسَةً منه كالآتية، أو من غير قصد ليوافق ما هو العادة الجارية في بني إسرائيل المقررة عند هِرَقْل، فيستدل بذلك على نبوته لموافقته لما هو الواقع لأنبيائه، فلا يُنْكِرُ نبوته، ونبينا عليه الصلاة والسلام أعطاه الله خلاف ما أعطى لأنبياء بني إسرائيل من اتِّباع الأشراف له، ولما رأى ابن حَجَر هذا الإِيراد الواقع على أبي سفيان، قال: المراد بالأشراف هنا أهل النَّخْوة والتَّكَبُّر منهم، لا كل شريف، حتى لا يرد مثل أبي بكر وعمر وأمثالهما ممن أسلم قبل ذلك، وما قاله مُعْتَرَض من وجهين: أحدهما رواية ابن اسحاق عن أبي سفيان: "تبعه منا الضعفاء والمساكين، فأما ذوو الأنساب والشرف فما تبعه منهم أحد" فإنه صرح في هذه الرواية بالمراد عنده بالضعفاء والأشراف، وهو خلاف الواقع. والثاني هو أن من أسلموا فيهم أهل النخوة والتكبر كالعمرين، وحمزة، وعثمان، وأبو سفيان في رواية ابن إسحاق نفى أن يكون أحد من الأشراف تبعه عليه الصلاة والسلام، وقول صاحب "الفتح" إن ذلك محمول على الغالب غير مستقيم، لأن الغالب في الذين أسلموا الأشراف أهل النسب والنخوة، فلا يصح في الجواب إلا ما ذكرته، ولعلك لا تجده في غير هذا المحل.
وقوله:"قالَ: أيزيدون أم يَنْقُصُونَ" بثبوت همزة الاستفهام، وروى بإسقاطها في آل عمران، وجزم ابن مالك بجوازه مطلقًا، وخصه بعض بالشعر.
وقوله:"فَهَلْ يَرْتَدُّ أحدٌ منهم سَخْطةً لدينه" سخطة بفتح السين وضمها مفعول لأجله أو حال، أي ساخطًا أي كراهة له وعدم الرضا، والسّخط