وقوله:"أسلِم تَسْلَم" الأول فعل أمر من الإِسلام، والثاني بفتح اللام مُضارع من السلامة، مجزوم، جواب للأمر، وفيه غاية الاختصار والبلاغة، مع ما فيه من البديع وهو الجناس الاشتِقاقي، وهو أن يرجِعَ اللفظان في الاشتقاق إلى أصل واحد.
وقوله:"يُؤْتِكَ الله أَجرَكَ مرتين" هو بحذف حرف العلة، مجزوم جواب ثان، وإعطاء الأجر مرتين لكونه آمن بنبيه، ثم آمن بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم، أو من جهة أن إسلامه يكون سببًا لإسلام أتباعه، وللمؤلف في الجهاد:"أسلم تَسلَم وأسلِم يُؤْتِكَ الله" بتكرار أسلم مع زيادة الواو قبل الثانية، فيحتمل التأكيد، ويحتمل أن يكون الأمر الأول للدخول في الإِسلام، والثاني للدوام عليه، نحو:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[النساء: ١٣٦] والحديث موافق لقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}[القصص: ٥٤] واستنبط منه أن كل من دان بدين أهل الكتاب يكون في حكمهم في المناكحة والذبائح، لأن هِرَقْل وقومه ليسوا من بني إِسرائيل، وهم ممن دخل في النَّصرانية بعد التبديل، وقد قال له ولقومه: يا أهل الكتاب، فدل على أن لهم حكم أهل الكتاب، خلافًا لمن خَصَّ ذلك بالإِسرائيليين، أو بمَنْ علم أن سَلَفَه ممن دخل في اليهودية أو النَّصرانية قبل التبديل.
وقوله:"فإن تَوَلَّيت" أي: أعرضت عن الإِجابة في الدخول في الإِسلام، وحقيقة التولي إنما هو بالوجه، ثم استُعْمل مجازًا في الإِعراض عن الشيء، وهي استعارة تبعية.
وقوله:"إثم الأرِيسيين" فيه أربع روايات بهمزة أوله مفتوحة جمع أريس ككريم، وبالياء بدل الهمزة، وبالهمزة والياء أيضًا مع زيادة ياء مشددة مكسورة بعد السين ممدودة بأخرى، والأريسون: الأكّارُون أي: الفلاحون الزراعون، أي: عليك إثم رعاياك، أي الذين يَتَّبِعونك ويَنْقادون لأَمْرك، أي وإذا كان عليه إثم الأتباع بسبب اتّباعهم له على استمرار الكفر فَلَأنْ