يكونَ عليه إثم نفسه أولى، ونبه بالأَريسينَ على جميع الرعايا لأنهم الأغلب في رعاياه، وأسرع انقيادًا فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا، وقال أبو عُبيدة: المراد بالفلاحين أهل مملكته، لأن كل من كان يزرع فهو عند العرب فلاح، سواء كان يلي ذلك بنفسه أم بغيره، وقيل: هم الأجراء، وقيل: الخدم والخَوَل لصده إياهم عن الدين، كما قال تعالى:{رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} الآية [الأحزاب: ٦٧] وقيل: العَشّارون، يعني: أَهْل المَكْس، وقيل: كان أهل السواد أهل فِلاحة، وكانوا مجوسًا، وكان الروم أهل صناعة، فَأُعلموا بأنهم وإن كانوا أهل كتاب، فإن عليهم من الإِثم إن لم يؤمنوا مثل إثم المجوس الذين لا كتاب لهم، وكونه عليه إثم أتباعه لا يُعارض قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤] لأن الفاعل المتسبب والمتلبس بالسيِّئات يتحمل من جهتين، جهة فعله، وجهة تسببه، كما قال تعالى:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}[النحل: ٢٥].
وقوله: و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} في أكثر النسخ إثبات الواو، وفي بعضها كما قال عِيَاض: إسقاطها، فعلى الإِسقاط يكون بيانًا لقوله:"دعاية الإِسلام"، وعلى الإِثبات تكون الواو عاطفة على قوله:"أدعُوك" أي: أدعوك "بدعاية الإِسلام"، وأدعوك بقوله تعالى، أو أتلو عليك، أو أقرأ عليك:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}[آل عمران: ٦٤] وعلى هذا لا تكون الواو زائدة في التلاوة، لأنها إنما دخلت على محذوف، ولا محذور في ذلك، وحذف المعطوف مع بقاء معموله جائز، كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}[الحشر:٩] أي: وأخلصوا الإِيمان، أو ألفوه وقول الشاعر:
وَزَجَّجْنَ الحَوَاجِبَ والعُيونا
أي: وكَحَّلْنَ، وقيل: إنه عليه الصلاة والسلام كتب ذلك قبل نزول الآية، فوافق لفظه لفظها لمّا نزَلت، لأنها نزلت في وفد نَجْران سنة الوُفود سنة تسع، وقصة أبي سفيان قبل ذلك سنة ست، وقيل: نزلت في