تعشى" فقط. قلت: ينفي التكرار ما مرّ من جعل: "لبث" الأُولى في بيته، و"لبث" الثاني عند النبيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم، وعلى هذا يكون "تعشى" رسولُ الله الكائن بعد من العَشاء بالفتح، لا من العِشاء بالكسر. وفي رواية لمسلم والإِسماعيلي أيضًا: "فلبث حتى نَعَس" بعين وسين مهملتين مفتوحتين، من النعاس، وهو أوجه. قال عياض: إنه الصواب، وبه ينتفي التكرار من المواضع لها، إلا في قوله: "لبث"، وسببه اختلاف تعلق اللَّبْث، فالأول قال: لبث حتى صلى العشاء، ثم قال: فلبث حتى نعس. قلت: التكرار منتف بما مر من أن الأول في داره، والثاني عنده عليه الصلاة والسلام، والحاصل أنه تأخر عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، حتى صلى العشاء، ثم تأخر حتى نعس النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وقام لينام، فرجع أبو بكر حينئذ إلى بيته، ولم أقف على من حرر الكلام على هذا المحل، وقد أبديت فيه من التقرير ما أبديت، راجيًا من الله تعالى أن يكون هو الصواب.
وقوله: "ما حبسك عن أضيافك؟ كذا في رواية الكشميهنيّ، ورواية مسلم، وفي رواية:"من أضيافك"، وقوله:"أو ضيفك"، شكٌّ من الراوي، والمراد به الجنس لأنهم كانوا ثلاثة، واسم الضيف يطلق على الواحد وما فوقه، وقيل: هو مصدر يتناول المثنى والجمع، وليس بواضح. وقوله:"أو عشيتهم"، في رواية الكُشميهنيّ:"أو ما عشيتهم" بزيادة ما النافية، وكذا في رواية مسلم والإسماعيلي، والهمزة للاستفهام، والواو للعطف على مقدر، وفي رواية:"عشيتيهم" بإشباع الكسرة.
وقوله:"قد عُرّضوا فأبوا"، أي: بضم أوله وتشديد الراء، أي: أُطعموا من العراضة، وهي الهدية. قاله عياض: قلت: على هذا تكون الفاء في "فأبوا" سببية، أي: فبسبب ذلك أبوا. قال: وفي الرواية بتخفيف الراء، وتوجيهه، أي: عرض الطعام عليهم، فحذف الجار ووصل الفعل، أو هو من باب القلب، كعرضت الناقة على الحوض. وفي رواية: قد عرضوا عليهم، بفتح العين والراء، أي: الأهل من الابن والخادم والزوجة، يعني أن آل أبي بكر عرضوا على